{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ} لما رأت جبريل في صورة شاب خُيِّلَ إليها أنه طالب فساد، فاستعاذت، أي: ألتجئ إلى الله وأسأله أن يعيذني مما أخاف من جهتك.
{إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨)} أي: مسلماً مطيعاً لله، وجزاء الشرط محذوف تقديره: فاخرج عني.
الزجاج: فستتعظ بتعويذي بالله منك (١).
وقيل: فلا تتعرض لي.
وقيل: {إِنْ} بمعنى (ما) أي: ما كنت تقياً بدخولك علي ونظرك إلي.
وقيل: إن (٢) {تَقِيًّا} أسم رجل كان من أمثل الناس في ذلك الزمان فقالت: إن كنت في الصلاح مثل التقي فإني أعوذ بالرحمن منك، كيف يكون رجل أجنبي وامرأة أجنبية في حجاب واحد، حكاه الثعلبي (٣).
وقيل: إن تقياً اسم رجل كان يتعرض للنساء وكانت سمعت مريم بقصته وفساده (٤).
وقيل: إن {تَقِيًّا} تَرِبٌ (٥) لها يقال له يوسف من خَدَمِ بيت المقدس أتاها جبريل على صورته فظنت أن الشيطان استزله فتعرض لمريم فقالت: إن كنت من أظنه فإني أعوذ بالرحمن منك، حكاه ابنِ مهرَيزُد (٦)، (٧).
(١) انظر: معاني القرآن للزجاج (٣/ ٢٦٤).
(٢) في أ: "إن كنت تقيا".
(٣) أنظر: الكشف والبيان الثعلبي (٦/ ٢١٠)، وحكاه الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٣٦٣) عن ابن عباس، رضي الله عنهما.
(٤) وهو محكي عن وهب بن منبه ومكي بن أبي طالب وهو ضعيف.
انظر: غرائب التفسير (١/ ٦٩٠)، المحرر الوجيز (٤/ ٩).
(٥) أي: ابن عم لها.
(٦) ابن مهربزذ، محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن مهرايزد، النحوي، الأصبهاني الأديب، أبو مسلم، كان غالياً في الاعتزال، عارفاً بالنحو، صنف تفسيراً كبيراً، توفي سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
انظر: بغية الوعاة للسيوطي (١/ ١٨٨)، طبقات المفسرين للداوودي (٢/ ٢١٣).
(٧) انظر: غرائب التفسير (١/ ٦٩١).