والرابع: أنها أخت هارون أخي موسى، وفيه بُعد لأن بينهما ستمائة سنة، وقيل: ألف سنة، وفي الحديث أن عائشة رضي الله عنها قرأت {يَا أُخْتَ هَارُونَ} فقال لها كعب: "إن كنتِ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعلم وإلا فإني أجد بينهما عشرين أباً" (١).
{مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} أي: طالح (٢): تقول رجل سوء، و (٣) ضده رجل صدق أي: صالح وهذه إضافة تخصيص.
{وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)} فاجرة، والبَغِيّ طالبة للشهوة من أي رجل كان.
{فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} إلى عيسى بأن يجعلوا الكلام معه فتعجبوا من ذلك؛ وذلك أن عيسى عليه السلام قد قال لها: لا تحزني وأحيلي بالجواب علي، وقيل: أمرها جبريل بذلك (٤).
{قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩)} رضيعاً في المهد، والمهد: سرير الصبي (٥).
قتادة: المهد: الحِجْر (٦)، وكل موطئ مهد، وفي {كَانَ} هاهنا أقوال:
أحدها: أنه صلة زائدة.
والثاني: أنه بمعنى وقع، و {صَبِيًّا} حال والعامل فيه {كَانَ}، وقيل: العامل فيه
(قال) بعده.
والثالث: أن {مَنْ} للشرط فيصير {كَانَ} بمعنى الاستقبال، أي: من يكن في المهد كيف نكلم (٧).
والرابع: بمعنى صار، أي: صار في المهد.
(١) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٥/ ٥٢٣)، قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ١٢٦) "وفي هذا التاريخ نظر"
(٢) في ب: "صالح".
(٣) في ب: "ضده"، بغير الواو.
(٤) انظر: النكت والعيون (٣/ ٣٦٩).
(٥) المهد: ما يهيئ للصبي، والمهد والمهاد المكان المُمَهّد المُوطَّأ.
انظر مفردات الراغب (٧٨٠)، مادة: مهد.
(٦) انظر: جامع البيان لابن جرير (١٥/ ٥٢٧).
(٧) في أ: "يكلم" بالياء.