{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ} يحملنكم.
{شَنَآنُ قَوْمٍ} إبغاض قوم وبغيض قوم.
{عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} أي على الجور.
{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ} أي العدل أقرب.
{لِلتَّقْوَى} أي: هو التقوى، وقيل: أقرب لاتقاء النار.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٨)}.
الحسن: هذا تكرار الآية الأولى. وقد سبق (١).
غيره: نزلت في غيرهم، وروي عن عبد الله بن كثير أنه قال: نزلت في اليهود، ذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستعينهم في دية فهموا بقتله (٢).
وقيل: هو عامّ، أي: لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩)} في مفعول وعد قولان، أحدهما: أنه محذوف ودل عليه لفظ: وعد، خلاف ما يدل عليه لفظ: أوعد، أي: خيراً، وقيل: محذوف يفسره (٣) {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}.
والثاني: الجملة مفعولة واقعة موقع المفرد، كقول الشاعر (٤):
وَجَدنا الصالحين لهم جزاءٌ ... وجناتٍ وعيناً سلسبيلا.
فعطف جنات وعيناً على محل (٥): لهم جزاء.
وقيل: تقديره: وعد الله أن لهم مغفرة، فلما حذف (أن) ارتفع مغفرة بالابتداء.
وقيل: ما بعده رفع على الحكاية؛ لأن الوعد قول، أي: قال الله: {الَّذِينَ آمَنُوا}. ثم أوعد الكافرين: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٠)} أي: لا يفارقونها كما لا يفارق الصاحب ماله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} اختلف المفسرون في سبب نزول الآية:
فذهب الحسن إلى أنها نزلت في الذين صدّوه عن الحج وهموا بالتعرض له وللمؤمنين، فألقى الله في قلوبهم الرعب فكفوا عما هموا (٦).
(١) قال الجصاص ٢/ ٣٩٦: (حمله الحسن على معنى الآية الأولى، والأولى أن تكون نزلت في غيرهم وأن لا تكون تكراراً).
(٢) ذكرها الطبري ٨/ ٢٢٣، وعبدالله بن كثير هو أبو معبد القارئ، المكي، روى عن أبي الزبير ومجاهد وعنه ابن أبي نجيح وابن جريج وجماعة، وكان ثقة، توفي سنة (١٢٠ هـ). «تهذيب التهذيب» ٢/ ٤٠٨.
(٣) هكذا في (أ): يفسره، وفي (ب) و (جـ): تفسيره.
(٤) هو: عبدالعزيز بن زرارة الكلابي، توفي في عهد معاوية، والبيت من شواهد «الكتاب» لسيبويه ١/ ٢٨٨، و «المقتضب» للمبرد ٣/ ٢٨٤.
(٥) في (ب): (محل قوله).
(٦) نقله الماوردي ٢/ ١٩ عن الحسن بنحوه.