وذهب بعضهم إلى أن المراد بالتشديد الإخفاء (١).
وذهب بعضهم إلى أن التقدير: نجي، والفعل للمجهول والمصدر اسمه وسكن الياء تخفيفاً (٢).
والأوجه الثلاثة فيها ضعف؛ أما قول من قال: هو خطأ فإنه لم يعرف الأسانيد وأن هذا ثبت بطرق ثبت بها جميع القرآن فلا يمكن دفعها. ومن قال: إنما هو إخفاء بعيد إذ لو كان كذلك لم يكن بين القراء خلاف.
وقول من قال: مبني للمجهول بعيد من وجهين:
أحدهما: أنه أسند الفعل إلى المصدر مع وجود المفعول وهذا لا يجوز.
والثاني: تسكين الياء وبابه للضرورات، ويحتمل أن يقال: أصله ننجي من التنجية فحذف النون الثانية لاجتماع النونات كما حذف في مواضع لا تحصى.
{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا} أي: فرداً بلا ولد، ولا وارث، وأنت خير من يرث العباد من الأهل والأولاد.
وقيل: فرداً عن عصمتك (٣). وقيل: تقديره: إن رزقتني ولداً وارثاً وإن لا فأنت خير الوارثين (٤).
{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} وكانت عاقراً عقيماً.
وقيل: كانت سيئة الخلق (٥).
وقيل: كانت عجوزاً فرد إليها ماء الشباب (٦).
(١) وإليه ذهب ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن (٥٥).
(٢) وإلى هذا القول ذهب الفراء في معاني القرآن (٢/ ٢١٠).
واختار ابن جرير في جامع البيان (١٦/ ٣٨٧) القراءة بنونين وتخفيف الجيم.
وانظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب (٢/ ١١٣).
(٣) قاله عطاء.
انظر: النكت والعيون (٣/ ٤٦٨).
(٤) انظر: غرائب التفسير (١/ ٧٤٧).
(٥) قاله عطاء.
انظر: النكت والعيون (٣/ ٤٦٨).
(٦) وهو قريب من القول الأول، لأن العجوز لاتلد.
واختار ابن جرير في جامع البيان (١٦/ ٣٨٩) أن الله تعالى لم يخصص شيئاً من ذلك، وعليه يجوز أن يكون الصلاح بجعلها ولوداً حسنة الخلق، وكل ذلك من معاني الصلاح.