{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (٢٤)} هذا كفر منهم وسوء أدب، وقيل: تقديره: اذهب أنت وربك يعينك؛ وفيه ضعف.
وسمعت شيخ الإسلام القاضي أبا المعالي (١) - رحمة الله عليه - يقول: المراد بقولهم: {وَرَبُّكَ} هارون؛ لأنه كان أكبر منه سنّاً (٢).
{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي} أي: لن يطيعني إلا نفسي وأخي هارون، وقيل: هو عطف على اسم إن؛ أي: وإن أخي لا يملك إلا نفسه، وقيل: عطف على النفس؛ أي: اصرفهما في طاعتك (٣).
{فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٢٥)} قيل: معناه اقض بيننا وافصل (٤)، وقيل: باعد، وقيل دعا الله أن يفرق بينهم في الآخرة، وقيل: دعاء عليهم بالهلاك.
وسماهم فاسقين بخروجهم عن طاعة الله وطاعة رسوله.
{قَالَ فَإِنَّهَا} أي الأرض المقدسة ودخولها.
{مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ} أي هم ممنوعون من دخولها بسبب عصيانهم، قال (٥):
جَالت لتصرعني فقلتُ لها اقصري ... إنّي أمرؤٌ صَرْعي عليكِ حرام
أي ممتنع.
(١) لعله: هبة الله بن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسين الشيرازي، أحد القضاة المشهورين بالفضل والعلم والفقه والأدب، وكان ممن سكن كرمان، ومات بعد شعبان سنة (٥٢٠ هـ).
انظر: «خريدة القصر» قسم: فضلاء أهل فارس ٣/ ٣٤، و «طبقات الشافعية الكبرى» ٧/ ٣٢٧.
(٢) وقف الكلام في نسخة (ب) و (جـ) عند: (هارون)، وسقط قوله: (لأنه ... ) إلخ.
(٣) في (جـ): في أمرك.
(٤) في (أ): (قيل معناه اقض، وقيل معناه اقض بيننا وافصل).
(٥) القائل هو: امرؤ القيس، والبيت من شواهد «مغني اللبيب» ٦/ ٦٥١. وفي (أ): (لتصرفني)، وفي (ب): (جاءت).