{وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} وهو النار، أي: جُمِعَ له عذاب الدنيا وعذاب الآخرة. {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} أي: يقال له يوم القيامة هذا التعذيب بكفرك وتكذيبك محمداً.
{وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} بل يجازيهم على أعمالهم، وذكر (الظَلاّم) بلفظ المبالغة لما اقترن بالعبيد وهو اسم الجمع.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} في سبب النزول: أنها نزلت في أعراب كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرين من باديتهم، وكان الواحد منهم إذا قَدِمَ المدينة فإن صح بها جسمه، ونتجت فرسه مهراً حسناً، وولدت امرأته غلاماً، وكثر ماله ومواشيه رضي به واطمأن، وقال: ما أصبت مذ دخلت في ديني هذا إلا خيراً، وإن أصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وأجهضتِ رمَاكه (١)، وذهب ماله أتاه الشيطان فقال له: والله ما أصبت مذ دخلت في دينك هذا إلا شراً فينقلب عن دينه (٢).
وعن عطية (٣) عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه (٤)
(١) الرَّمَكة: أنثى الفرس.
(٢) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٦/ ٤٧٣)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (١٠/ ٤٢٨) لابن أبي حاتم، وابن مردويه، وانظر: أسباب النزول للواحدي (٣٥٥)، وذكر ابن كثير في تفسيره (٣/ ٢١٩) أنه قول قتادة والضحاك وابن جريج وغير واحد من السلف في تفسير هذه الآية.
(٣) عطية العوفي، تنظر ترجمته ص: ٢٦٦
(٤) أبو سعيد الخدري، اسمه سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة، بن الخزرج الأنصاري الخدري، من الحفاظ المكثرين من الرواية، كان في يوم أحد وهو ابن ثلاث عشرة سنة، توفي سنة أربع وسبعين.
انظر: الاستيعاب (٤/ ٢٣٥)، الإصابة (٣/ ٧٨).