له ثم حثا عليه، وقيل: كان ملكاً، والقولان الأولان هما الأوليان.
قوله: {لِيُرِيَهُ} الفعل للغراب، ويحتمل أن الضمير يعود إلى الله.
ومعنى {يُوَارِي}: يستر {سَوْءَةَ أَخِيهِ}: نفسه.
وقيل: فرجه، وقيل: مقابحه ومعايبه، وقد كان أروح وظهرت منه أشياء تظهر من الموتى إذا أتت عليهم الأيام، فلما رأى قابيل ذلك:
{قَالَ يَاوَيْلَتَا} هذه كلمة تستعمل عند الهلاك، أراد يا ويلتى تَعَالي فهذا أوانك.
{أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} أي: لم لا أهتدي إلى دفن أخي كما اهتدى إليه الغراب.
{فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١)} على حمله، وقيل: حين لم يظفر بمراده من أخته، وتبرأ منه أبواه، وقيل: مكث آدم عليه السلام بعده (١) مائة سنة لا يضحك حتى أتاه الملك فقال: حياك الله وبياك، أي: أضحكك، قاله الأصمعي (٢).
{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} قيل: هو متصل بالآية الأولى، أي: فأصبح من النادمين (٣) لأجل حمله، وقيل: من أجل قتله وعظم فعله {كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}.
ومعنى من أجل ذلك: من جناية ذلك، وقيل: بسبب ذلك.
ابن عيسى: أصل أجل: الجر، ومنه أجل العقد؛ لأنه يجر ما وقع العقد عليه (٤).
{كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} فرضنا وأوجبنا، وقيل: حكمنا وقضينا.
(١) سقطت (بعده) من (ب).
(٢) نقله صاحب «لسان العرب» عن الأصمعي في مادة (بيى) ١/ ٤٠٨.
والأصمعي هو: عبدالملك بن قُرَيب الباهلي، راوية العرب، من أهل البصرة، وكان كثير التطواف في البوادي، وله تصانيف كثيرة، وتوفي سنة (٢١٦ هـ).
ترجمته في: «تقريب التهذيب» (٣٦٤)، و «ترتيب الأعلام» ١/ ٢٢٢.
(٣) في (ب) و (جـ): من الخاسرين، والمثبت من (أ) وهو الموافق لما في القرطبي ٦/ ١٤٦.
(٤) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي ٦/ ١٤٥ فقد نقله عن الرماني أيضاً.