{وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} أي الخارجون (١) من أمر الله، علق الله وجوب الحد، والتفسيق، وسقوط الشهادة بالقذف صيانة لأعراض المسلمين وذباً عن حرمهم، وشرط في الشهود أربعة واكتفى في سائر الأحكام بالاثنين والواحد.
{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي: بعد القذف واستقاموا على التوبة.
{وَأَصْلَحُوا} أعمالهم وسرائرهم. {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لمن تاب.
{رَحِيمٌ} رخص في التوبة، وفي التوبة قولان:
أحدهما: توبته أن يكذب نفسه.
والثاني: ندمه على قوله واستغفاره من ذنبه.
وفي الاستثناء ثلاثة أقوال:
أحدها: من الفاسقين، وقيل: من قوله {لَهُمْ} ومحله نصب، وقيل: محله جر بدلاً من {هُمُ}، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} حال لقوله {لَهُمْ} وقيل: صفة وفيه بعد.
والثالث: أنه استثناء منقطع بمعنى لكن ولا تعلق له بالجمل المتقدمة وهو متصل بما بعده وهو قوله {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وله نظائر في القرآن منها: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ} الغاشية: ٢٤، ٢٣، {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي} النمل: ١١ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ} البقرة: ١٥٠ ولم يذهب أحد إلى أن الاستثناء من قوله {فَاجْلِدُوهُمْ}
وفي قبول الشهادة أربعة أقوال:
أحدها: لا تقبل شهادته (٢) بعد الحد ليبقى لرد شهادته تأثير وتوبته تزيل اسم الفسق عنه فحسب وهو قول ابن عباس، رضي الله عنهما والحسن في جماعة (٣).
(١) في أ: "أي: خارجون" بغير الألف واللام.
(٢) في ب: "لا يقبل شهادته" بالياء.
(٣) وهذا مذهب أبي حنيفة، وأبو يوسف.
انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٣٩٩).