فرض عليهم الحكم، {بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ} أي: موافقاً، وقد سبق (١)، {وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى} كرر (هدى): لأن الأول عام والثاني خاص، {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦)} لأنهم ينتفعون به.
{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ} أي: وقلنا لهم احكموا بموجبه، وقيل: إنه استئناف أمرٍ لهم، لأنه لم يكن نُسِخَ بَعْدُ.
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧)} مَنْ في الآيات الثلاث للشرط والعموم عند بعضهم، وعند بعضهم بمعنى الذين وهو خاص.
وأَكْثَرَ المفسرون القول في تكرار هذه الآية (٢) واختلاف ألفاظها، فذهب بعضهم إلى أن الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى الكفر، عُبِّرَ عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار، وقيل: {الْكَافِرُونَ} نزلت في حكام المسلمين، و {الظَّالِمُونَ} في اليهود، و {الْفَاسِقُونَ} في النصارى.
وقيل: ومن لم يحكم إنكاراً له فهو كافر، ومن لم يحكم بالحق واعتقد الحق وحكم بضده فهو ظالم، ومن لم يحكم جهلاً وحكم بضده فأولئك هم الفاسقون.
وقيل: ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر بنعمة الله ظالم في حكمه فاسق في فعله.
وقيل المراد بالكفر ههنا: ساعة حكمه بخلاف ما أنزل الله، وليس المراد به الشرك (٣).
(١) في تفسير سورة البقرة، آية (٤١)، (ص ٢١٦) من رسالة الشيخ الدكتور/ ناصر بن سليمان العمر.
(٢) في (جـ): (في هذه تكرار الآية).
(٣) انظر للمزيد حول هذه المسألة: «جامع البيان» ٨/ ٤٥٦ - ٤٦٨، و «منهاج السنة النبوية» ٥/ ١٣٠ - ١٣٢ لشيخ الإسلام ابن تيمية، و «تفسير القرآن العظيم» ٥/ ٢٣٠ - ٢٣٢ لابن كثير، و «الحكم بغير ما أنزل الله، أحواله وأحكامه» للدكتور/ عبدالرحمن بن صالح المحمود.