{بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ} أي: منعهم عن الإيمان بك تكذيبهم بالقيامة لا فقرك ومشيك في السوق، ثم قال {وَأَعْتَدْنَا} هيئنا، والعتيد: الشيء الحاضر، وقيل: أصله أعددنا قلب الدال تاء، وهذا بعيد لإطراد كل واحد منهما في المصدر وغيره (١).
{لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ} البعث والنشور والثواب والعقاب.
{سَعِيرًا} ناراً موقدة، فعيل بمعنى مفعول، تقول: سَعَرْتُ النار وأسْعَرْتُها فتسعرت واستعرت، وقيل: {سَعِيرًا} اسم لجهنم وانصرافه يدفع هذا القول.
{إِذَا رَأَتْهُمْ} يعني: النار أو جهنم، ووصف النار بالرؤية كما وصفها بالكلام في قوله {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} ق: ٣٠، وكما وصف السموات والأرض بالكلام حيث قال {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} فصلت: ١١، وقال بعضهم: النار اسم لحيوان ناري يتكلم ويرى ويسمع ويغيظ ويزفر، وقال بعضهم: هذه عبارة عن المقابلة والمحاذاة كما تقول: داري ترى دارك، وداري تنظر إلى دارك.
وقيل: هذا مقلوب، أي: إذا رأوها، وقيل: المضاف محذوف، وتقديره: إذا رأتهم خُزّان جهنم وزبانيتها (٢).
وقيل: هذا على المبالغة أي: كأنها تراهم رؤية الغضبان يزفر غيظاً (٣).
وقيل: إذا ظهرت لهم {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} قيل: مسيرة خمسمائة عام، (٤) وقيل: مسيرة عام (٥).
(١) العتيد: الشيء المعد، وعَتَدَ الشيء يَعْتُد عتاداً فهو عتيد أي: حاضر، والعتيدة هي التي يكون فيها الطيب والأدهان، وأعتدناه أعددناه.
انظر: العين للخليل بن أحمد (٢/ ٢٩).
(٢) انظر: معالم التنزيل (٦/ ٧٥).
(٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ٨١٠).
(٤) انظر: بحر العلوم للسمرقندي (٢/ ٤٥٥).
(٥) قاله الكلبي، والسدي، ومقاتل.
انظر: الوسيط للواحدي (٣/ ٣٣٥).