{ثُبُورًا} أي: يقولون ثَبِرْنا ثُبُوراً، وقيل: هو دعاؤهم بالندم ياثبوراه ياويلتاه (١)، والثَّبْرُ: الإهلاك، والثبور: الهلاك كأنهم قالوا ياهلاكاه (٢).
وقيل: يا انصرافاه عن طاعة الله، تقول: ما ثبرك عن هذا الأمر أي: ما صرفك، حكاه علي ابن عيسى (٣).
{لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} أي: تجيبهم الملائكة لا تقولوا ذلك مرة واحدة بل مراراً كثيرة لا يأتي عليها الإحصاء ولا ينتهي خلودكم فيها.
{قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} في ذلك قولان:
أحدهما: أنه إشارة إلى قوله {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ} {أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يأكل منها} كما قلنا في قوله {جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ}.
والثاني: إشارة إلى ما فيه الكفار من الشدائد التي تقدمت، وإنما قال ذلك خيراً ولا خير فيما تقدم للكفار توبيخاً، ومثله {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} الفرقان: ٢٤ وسيأتي ذكره إن شاء الله (٤)، وهذا كما تقول لمن ترك فساداً وأقبل على صلاح: أليس هذا خيراً مما أنت فيه! ولا تقول مبتدأً: الفساد خير أم الصلاح.
وقوله {وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} أي: دخولها. وقيل: وعدها المتقون فحذف الضمير وهو المفعول الثاني {كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً} ثواباً. {وَمَصِيرًا} مرجعاً.
(١) انظر: الوسيط للواحدي (٣/ ٣٣٦).
(٢) الثُبور: الهلاك، يقال: ثَبَرَه الله بمعنى: أهلكه، وثبره الله يثبره ثبراً وثبوراً، والمَثْبَر: مسقط الولد بالأرض إذا وُلِد للناقة، وثبر البحر إذا جزر بعدما مد.
انظر: غريب الحديث للخطابي (٢/ ٣٦٥)، الفائق للزمخشري (١/ ١٦٢).
(٣) انظر: النكت والعيون (٤/ ١٣٥).
(٤) "إن شاء الله" سقط من ب.