وذهب جماعة من القراء إلى أن الوقف يحسن على قوله {حِجْرًا}، ثم قال الله ... {مَحْجُورًا} عليهم أن يعاذوا أو أن يجازوا (١)، (٢).
وقيل: هذا من قول الكفار إذا سمعوا {لَا بُشْرَى} قالوا {حِجْرًا مَحْجُورًا} (٣)، وأصله الضيق عند بعضهم ومنه الحجرة لضيقها، وكل حرام ضيق، وقيل: أصله المنع، وكل حرام ممنوع، والحِجْر: العقل يمنع صاحبه من الجهل (٤).
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} عمدنا وقصدنا، وأصل قَدِمَ: رجع من سفره، وقدم إلى هذا الأمر عَجِلَ إليه عجلة الوُرَّاد من السَّفر، وقال النحاة: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا} كقولهم: قام يشتمني، وليس ثم قيام وإنما المعنى: قصد (٥).
وقيل: هو قدوم الملائكة. وقيل: قدم أمرنا.
وقيل: هو كقوله {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ} النحل: ٢٦ (٦).
وقوله {إِلَى مَا عَمِلُوا} يعني: الكفار. {مِنْ عَمَلٍ} أي: خيراً تقربوا به إلى الله.
{فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً} أي: أحبطناه لكفرهم، وفي الهباء أقوال:
علي رضي الله عنه: أنه رهج الغبار (٧).
(١) في ب "أن يعاذوا أو أن يجازوا" بالمعجمة.
(٢) وهو مروي عن الحسن.
انظر: القطع والائتناف للنحاس (٣٦٧)، المكتفى في الوقف والابتدا للداني (١٦٥).
(٣) قاله قتادة.
انظر: النكت والعيون (٤/ ١٤١).
(٤) ومنه حَجْرُ القاضي على السفيه.
انظر: معاني القرآن للنحاس (٥/ ١٧).
(٥) انظر: معاني القرآن للزجاج (٤/ ٥٠).
(٦) انظر: غرائب التفسير (٢/ ٨١٣)، ولا يجوز تأويل القدوم أو المجيئ بالأمر أو أمر الملائكة.
(٧) انظر: النكت والعيون (٤/ ١٤١)، والرَّهَج: الغبار.
انظر: العين للخليل بن أحمد (٣/ ٣٨٩).