ويحتمل أو تلك نعمة تمنها علي أن عبدتني، فوضع بني إسرائيل موضع الضمير لأنه واحد منهم وتعبيدُه إياه تسببه إلى قذفه في اليم وفراقه من أبويه وأهل بيته ثم اتخاذ أمه ظئراً ينسب إلى فرعون بذلك (١)، ويحتمل أيضاً وتلك نعمة تمنها علي لولا أن عبدت بني إسرائيل (٢).
في إعراب {أَنْ عَبَّدْتَ} قولان:
أحدهما: رفع بالبدل من المبتدأ. وقيل: من الخبر. والثاني: نصب، وتقديره: بأن عَبَّدتَ. وعَبَّدتُ، وأَعْبَدْتُ، واسْتَعْبَدْتُ اتخذت عبدًا.
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣)} ما حقيقة ذاته من أي جنس وأي نوع هو؟ فأعرض موسى عن الجواب من هذا الوجه وصار إلى الدلالة على الله بأفعاله وصنائعه.
{قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤)} أي: إن كنتم تعرفون الأشياء بالدليل فكفي السموات والأرض وما بينهما دليلاً بأن الله سبحانه خالقها ومالكها ومدبرها.
وقيل: إن كنتم موقنين بأن السموات لابد لها من رب فالذي أدعوكم إليه ذلك الرب (٣). وقيل: إن أيقنتم أن ما تعاينونه هو كما تعاينونه فأيقنوا أن ربنا رب السموات (٤).
{قَالَ} يعني: فرعون. {لِمَنْ حَوْلَهُ} من أشراف قومه يُعَجِّبُهم.
(١) في أ: " تنسب إلى فرعون بذلك ".
(٢) قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٣٤٥) " أي: وما أحسنت إلي وربيتني مقابل نا أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداًت وخدماً تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك، فهل إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم، فليس ما ذكرته شيئاً بالنسبة إلى ما فعلت بهم ".
(٣) ذكر نحوه ابن الجوزي في زاد المسير (٦/ ١٢٢).
(٤) انظر: معالم التنزيل (٦/ ١١١).