قال الزجاج: " خلقها خلق الثعبان وحركتها واهتزازها اهتزاز الجان (١).
وقيل: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} تشبيهاً بالشيطان، وسميت الثعبان لانثعابه في الجري، تقول: ثعَبتُ الماء إذا فَجّرته فانثعب كانثعابَ الدم (٢) من الأنف (٣).
ويحتمل أن الله سبحانه جعل العصا حية وجاناً إذا رأها موسى وحده وإذا رأها فرعون وقومه جعلها ثعبانا فلفظ القرآن يدل على هذا.
و(إذ) في الآيتين للمفاجأة وهو ظرف مكان.
{وَنَزَعَ يَدَهُ} أي: أدخلها في جيبه ثم أخرجها منه. وقيل: حسر عن ذراعه (٤)، والنَّزْع: إخراج الشيء مما اتصل به.
{فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ} تغلب ضوء الشمس. وقيل: أضاء لها الوادي (٥).
{لِلنَّاظِرِينَ (٣٣)} أي: من نظر إليها رآها بيضاء.
{قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ} قال فرعون لهم. {إِنْ هَذَا} يعني موسى.
{لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤)} وما في سورة الأعراف فكلام الملأ حكاية عن فرعون (٦).
{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ} ويغلب على دياركم. وقيل: يخرج خدمكم وعبيدكم يعني بني إسرائيل لأنه جاء يطلبهم بقوله {أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧)}
(١) انظر: معاني القرآن للزجاج (٤/ ٦٨).
(٢) في ب: " فانثعب انثعاب الدم ".
(٣) ثَعَبَ الماء والدم ونحوهما يثْعَبه ثعباً فجره، واننثعب المطر، والثُّعْبُ مسيل الوادي، والثعبان الذَّكر من الحياة الضخم الطويل.
انظر: لسان العرب (٢/ ٩٨)، مادة: ثعب.
(٤) انظر: بحر العلوم للسمرقندي (٢/ ٤٧٢).
(٥) انظر: المصدر السابق (٢/ ٤٧٢).
(٦) وهو قوله تعالى {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِن هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} الأعراف: ١٠٩.