وقال بعضهم: الاستثناء صحيح لأنه قد كان في آبائهم الأقدمين من قد عبد الله لأن هذه نسبة ترتفع إلى آدم - عليه السلام - (١).
وقال بعضهم: إن ما تعبدون عدو لي إلا الله الذي تعبدون معه غيره فإنه ليس بعدوي (٢). وقيل: لأنهم وإن أنكروا العبادة المعروفة لم ينكروا أنه خالقهم ورازقهم فكانوا بهذا عابدين فصح الاستثناء.
وقيل: من كان جاحداً لله عابداً له من حيث أن أثر العبودية فيه ظاهر فالاستثناء صحيح.
وقيل: {إِلَّا} بمعنى دون كقوله {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}
الدخان: ٥٦.
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)} أي: الذين خلقني ولم أك شئياً فهو يهديني إلى الرشاد إذا عبدته ولم أشرك به شيئًا، ودخل الفاء لأن المبتدأ موصول بالفعل، وإن جعلت
{الَّذِي} في محل نصب على الصفة فالفاء لعطف جملة على جملة {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} واللذان بعده رفع بالعطف على المبتدأ والخبر محذوف لأن الأول يدل عليه وهو قوله {فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)} كقولك: زيد قائم وعمر وبكر وخالد، وإن جعلت الكل في محل نصب على صفة رب العالمين لم يحتج إلى خبرٍ وجاز تكرارُ الذي وهو لشيء واحد كما جاء:
إلى الملِكِ القّرْم وابن الهمام ... وليث الكتببة في المزدحم (٣).
(١) في ب: " لأن هذه نسبة ترفع إلى آدم "، وانظر: إعراب القرآن للنحاس (٣/ ١٨٣).
(٢) انظر: معاني القرآن للزجاج (٤/ ٧٢).
(٣) البيت أورده ابن جرير في جامع البيان (٣/ ٨٩)، الزمخشري في الكشاف (١/ ١٥٥)، وابن هشام في قطر الندى (٤١٧)، والسمين الحلبي في الدر المصون (١/ ٩٨) من غير نسبته لقائل.
والقَرْم في الأصل هو الجمل المكرم المعد للضراب، ثم أطلق على الرجل العظيم ذا الجاه.