والرابع: ولو نزلناه أي القرآن على بعض الأعجمين من البهائم فقرأ عليهم محمد صلى الله عليه وسلم لم يؤمن البهائم كذلك هؤلاء لأنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً.
{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠)} في هاء الضمير أقوال: قيل: يعود إلى ترك الإيمان في قوله {مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} الشعراء: ١٩٩ (١).
وقيل: إلى الشرك والكفر (٢).
وقيل: يعود إلى القرآن (٣)، أي: كما أنزلناه على قلبك سلكناه في قلوب المجرمين، أي: أدخلناه فيها فعرفوا معانيه وعرفوا عجزهم عن إيتان مثله فلم يُومنوا به.
قوله {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٢٠١)} في الدنيا كما رأت الأمم المتقدمة. وقيل: في القيامة (٤).
{فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣)} أي: يطلبون الرجعة حين يبغتهم عذاب الساعة فلا يجابون إليها. {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} فيقولون مرة أمطر علينا حجارة ومرة يقولون: لن نؤمن لك (٥)، الآيات في بني إسرائيل.
{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥)} قيل: سني عمر الدنيا.
{ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦)} أي: العذاب.
(١) انظر: النكت والعيون (٤/ ١٨٨).
(٢) قاله ابن عباس، رضي الله عنهما، وابن جريج، والحسن.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٧/ ٦٤٩، ٦٤٨)، الوسيط للواحدي (٣/ ٣٦٣).
(٣) انظر: الكشف والبيان للثعلبي (٧/ ١٨٠).
(٤) انظر: بحر العلوم للسمرقندي (٢/ ٤٨٤).
(٥) في ب: " ومرة لن نؤمن لك ".