وقيل: معناه ربي أعلم بالأنبياء قبلنا، جواباً لهم من قولهم {وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦)} (١).
{وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} ويعلم من تكون له العاقبة المحمودة في الدنيا والآخرة.
{إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٣٧)} لا يفوزون بالنعيم (٢).
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ} يجب أن تعظموه وتعبدوه.
{غَيْرِي} فلا تلتفتوا إلى إله موسى، وجاء في التفسير أن بين قوله {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} النازعات: ٢٤ وبين قوله {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} أربعين سنة.
{فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ} وكان وزيراً له أي: اطبخ الطين بنار توقدها على الطين ليصلب ويصير آجراً، وكان أول من اتخذ ذلك.
{فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا} ابن لي بناء عالياً، واجعل له درجاً أصعد إليه بها.
{لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} أي: أرتقي إليه، توهم لعنه الله أن إله موسى جسم في السماء يُرتقى إليه فَيُنَال.
{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٣٨)} يعني موسى كاذباً، ناقض بين قوله {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} القصص: ٣٨، {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ} لأن الظن شك.
ابن بحر: أراد ببناء الصرح أن يوهم ضعفة قومه أن الذي يدعوا إليه موسى موصول إليه ومقدور عليه وهو في مكان (٣).
(١) لم أقف عليه، والله أعلم.
(٢) في أ " لا يفوز بالنعيم ".
(٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ٨٦٩).
وهذا على قول أهل الاعتزال وأن الله ليس في جهة، وأهل السنة على أن الله في السماء، كما قال تعالى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} الملك: ١٦.