الخامس: عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فقبلنها (١).
{فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} أي: أبين الخيانة فيها.
{وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} خفن من الخيانة فيها.
{وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} أي: خان فيها، فتكون الأمانة (٢) على هذا الدلالة على وحدانية الله وقدرته، وخيانة الإنسان كفره وأشراكه مع الله غيره.
السادس: الأمانة وعرضها هي إئتمان آدم ابنه قابيل على أهله وولده حين خروجه إلى الحج، قال آدم للسماء: احفظي ولدي بالأمانة فأبت، وقال للأرض فأبت، وقال للجبال فأبت، وقال لقابيل فقال: نعم، فخان فيها بقتل ولده هابيل (٣).
والعَرْض على وجهين:
عرض بالقول والخطاب وهو الحقيقة، وعرض مجاز، تقول: عرضت الناقة على الحوض تريد عرضت الحوض على الناقة، والإباء أيضاً قد يكون حقيقة نحو: دعوت زيداً فأبى، ومجازاً نحو: سللت سيفي (٤) فأبى.
والحَمْلُ يكون بمعنى: الرفع، ويكون بمعنى: الخيانة، ويكون بمعنى: الحِمَالة وهي الكفالة وقد فسر الآية بها (٥).
(١) قال ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ٢٠٤) "وأولى الأقوال أنه عني بالأمانة في هذا الموضع جميع معاني الأمانات في الدين، وأمانات الناس، وذلك أن الله يخص بعض معاني الأمانات لما وصفها".
(٢) في ب "فيكون الأمانة"، والصواب هو المثبت.
(٣) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ٢٠٣) مطولاً عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد رد الشوكاني في فتح القدير (٤/ ٣٠٨) هذا القول، وبين أنه لا يوجد دليل صحيح يدل عليه.
(٤) في ب "ومجازاً سللت سيفي".
(٥) الحِمْل يقال للأشياء المحملة على الظهر، أما المحمولة في البطن فيقال لها حَمْل، ومنه حمل المرأة حنينها، والحَمِلُ: هو الكفيل لكونه حاملاً للحق مع من عليه الحق.
انظر: المفردات (٢٥٧)، مادة: حمل.