{وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ} أي: جعلنا هذه القرى على مقدار معلوم يَقِيلُ المسافر في قرية ويروح في أخرى.
وقيل: جعلنا مسيرهم بمقدار حيث أرادوا إن يحلوا حلوا بقرية (١).
{سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (١٨)} أي: متى شئتم أمر إباحة. وقيل: إن اللفظ للأمر (٢)، والمعنى للماضي أي: ساروا فيها آمنين من العدو، والجوع، والعطش، والسباع (٣).
{فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} بطروا النعمة وجهلوا العاقبة فسألوا الله تغيير ما بهم من النعمة بأن يباعد بين أسفارهم فأجابهم إلى ما سألوه لأنفسهم (٤). وقيل: قالوا مُرْنا بالأسفار البعيدة الشاقة (٥). وقيل: طلبوا ذلك ليتطاولوا على الفقراء.
وقيل: طلبوا ذلك للتجارة فإن السفر إذا طال كان الربح فيه أكثر (٦).
النقاش: معناه: زد في عمارتها حتى تبعد فيها أسفارنا (٧).
وقرأ يعقوب (ربُنا) بالرفع (٨)
(١) قاله الحسن.
انظر: النكت والعيون (٤/ ٤٤٥).
(٢) في ب: "وقيل إن اللفظ الأمر".
(٣) انظر: الكشاف (٥/ ١١٧).
(٤) قال ابن عباس رضي الله عنهما، والحسن.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٩/ ٢٦٦)، النكت والعيون (٤/ ٤٤٥).
(٥) انظر: إعراب القرآن للنحاس (٣/ ٣٣٩).
(٦) انظر: النكت والعيون (٤/ ٤٤٥)، معالم التنزيل (٦/ ٣٩٦).
(٧) في ب: "حتى يبعد فيها أسفارنا".
انظر: النكت والعيون (٤/ ٤٤٦).
(٨) في ب: "رَفَعَ".
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو (بَعِّد) بالتشديد من غير ألِف، وقرأ الباقون (باعِد) بألف مخففاً.
انظر: الكشف لمكي (٢/ ٢٠٧)، التيسير للداني (١٨١).
قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن (٤١) " (رَبَّنَا باعِد) على طريق الدعاء والمسألة، و (رَبُّنا بَاعَدَ) على جهة الخبر، والمعنيان وإن اختلفا صحيحان؛ لأن أهل سبأ سألوا الله أن يفرقهم في البلاد فقالوا (ربَنا بَاعِد) فلما فرقهم الله في البلاد أيدي سبأ، وباعد بين أسفارهم قالوا: ربُّنا باعَدَ بين أسفارنا وأجابنا إلى ما سألنا، فحكى الله سبحانه عنهم المعنيين في غرضين".