(بَاعَدَ) بلفظ الماضي، فهذا شكوى منهم لبعد سفرهم وتمنى قصره.
{وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} حيث عدو النعمة نقمة والإحسان إساءة.
{فَجَعَلْنَاهُمْ} أي: جعلنا ما حل بهم.
{أَحَادِيثَ} يُضرب بهم المثل فيقال: تفرقوا أيدي سبأ، وصاروا أيادي سبأ (١) ويذكر ما كانوا فيه وصاروا إليه.
{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} فرقناهم في البلاد كل تفريق أي: غاية ما يكون من التفريق وتبديد الشمل (٢) حتى وقع بعضهم إلى الشام، وبعضهم إلى عُمان وبعضهم إلى يثرب.
وقال بعض المفسرين: لما جرى عليهم سيل العَرِم بقيت منهم بقية عاهدوا الأنبياء بأن لا يعودوا إلى الكفر والمعصية ثم لم يفوا بالعهد (٣) فحينئذ عوقبوا بالتمزيق في البلدان.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} أي: فيما ذُكر.
{لَآَيَاتٍ} لمواعظ وعبرًا.
{لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩)} أي: مؤمن يصبر على الطاعة ويشكر على النعمة.
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ} "في" و "على" يتعاقبان في مثل هذا الموضع (٤)، والضمير في
{عَلَيْهِمْ} يجوز أن يعود إلى أهل سبأ، ويجوز أن يكون عاماً فيمن كفر.
(١) وهو مثل يضرب للتمزق والتفرق.
انظر: المستقصى في أمثال العرب للزمخشري (٢/ ٨٩).
(٢) في أ: "وتبديل الشمل".
(٣) في أ: "ثم لم يقوموا بالعهد".
(٤) في أ: "في مثل هذا المواضع".