قال الفَرَّاء: " وإن شئت جعلته رفعاً أي: ما هو إلا من آمن" (١)، وهذا الكلام غير مفهوم إلا أن تجعل التقدير: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم إلا أموال من آمن وأولاده، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ} أي: في الجنات.
{آَمِنُونَ (٣٧)} وهذه جمع الكثرة كالمسلمات، والمؤمنات، والقانتات، ويجوز أن يكون لكل واحدٍ غُرُفات، والغُرْفة فيمن قرأ موحدة (٢) جاز أن يكون اسما للجنة، وجاز أن يكون اللام للجنس.
{وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا} في رد آيتنا وإبطال ديننا.
{مُعَاجِزِينَ} أي: سابقين لأنبيائنا وأوليائنا.
{أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (٣٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} يريد المؤمنين.
{وَيَقْدِرُ لَهُ} وليس هذا تكرارًا فإن الآية الأولى للكفار وهذه للمؤمنين، وقيل: الأولى معناها: يُوِسِّع على واحد ويُضَيِّق على آخر، والثانية معناها: يُوَسِّع على من يشاء من عباده وإن يشاء يضيق عليه من بعد التوسعة؛ فالأولى في شخصين وهذه في شخص ألا ترى إلى قوله {وَيَقْدِرُ لَهُ}.
وقيل: {وَيَقْدِرُ} في الأولى من قوله {قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} الطلاق: ٧ أي: ضُيِّق، وهذه من القُدْرة (٣) التي هي الاستطاعة.
وقيل: ويَقْدرُ على أن يَخْلِفَ عليه (٤) إذا أنفقه في سبيل الله (٥).
(١) انظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٣٦٣).
(٢) وهي قراءة حمزة بغير ألف على التوحيد، والباقون بالجمع.
انظر: الغاية في القراءات العشر لابن مهران (٢٤٢)، التيسير للداني (١٨١).
(٣) في أ: "وهذه من قدرة" بغير الألف واللام.
(٤) في أ: "يقدر على أن يخلف عليه" بغير الواو.
(٥) انظر: الكشاف (٥/ ١٢٧).