ووضع لفظ الماضي موضع المستقبل، كقوله: (أتى أمر الله) لأن لفظ الماضي أدلّ على الوقوع من لفظ (١) المستقبل، وإذ: بمعنى إذا، كما قال (٢):
ثم جزاه الله عنا إذ جزى ... جنات عدنٍ في العلاليِّ العُلا
ابن عيسى (٣): لأنه لتحقق أمره وظهور برهانه بمنزلة ما قد وقع وشوهد.
ومعنى سؤال عيسى عليه الصلاة والسلام: توبيخ لمن قال عليه ذلك.
وقيل: إخبار له بأن قومه غيَّروا بعده القول فيه.
وذهب السدّي وقطرب وابن جرير: إلى أنه خاطبه به حين رفعه إلى السماء، قالوا (٤): والدليل على ذلك لفظ {وَإِذْ} وأن قوله: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} إنما قال ذلك والكفار بهذا القول أحياء، أي: إن وفقتهم (٥) للإيمان لم يمتنع عليك (٦).
{قَالَ سُبْحَانَكَ} تنزيهاً لك عن أن يكون لك في الإلهية شريك.
{مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} أي: لا يليق بي قول لا أستحقه، ومعنى {بِحَقٍّ} (٧): بمستحق، وقيل تقديره: بحقٍّ (٨) إن كنت قلته فقد علمته، ومعنى {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} أي: لا أحتاج إلى الاعتذار عن هذا المقال؛ لأنك تعلم أنّي لم
(١) في (ب): ( ... الوقوع بمعنى المستقبل ... ).
(٢) هو لأبي النجم كما ذكر ذلك الطبري في التفسير ٩/ ١٣٤.
(٣) في (ب): (ابن عباس) وهو تصحيف.
(٤) في (ب): (قيل).
(٥) في (ب): (وفقتم).
(٦) انظر: «جامع البيان» للطبري ٩/ ١٣٥، و «زاد المسير» لابن الجوزي ٢/ ٤٦٣، و «فتح القدير» للشوكاني ٢/ ١٣٤.
(٧) في (أ): (أي بمستحق).
(٨) في (أ): (وقيل تقدير بحق).