{فَنَادَوْا} رفعوا أصواتهم بالويل، وأظهروا النَّدم في البكاء على أنفسهم.
والنِّداء: رفع الصَّوت من قول العرب: هو أندى صوتاً من غيره (١).
{وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}: فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أصله لا زِيْدَ عليه التاء كما زيد في ثمَّتَ ورُبَّتَ فيكون {حِينَ} منصوباً به، والخبر محذوف أي لا حين مناصٍ لهم، ويختص بالدخول على الأزمنة فحسب.
والثاني: " أن " (٢) أصله ليس ثم قلب (٣) الياء ألفاً وقلب السين تاء، كما قال الشاعر:
يا قاتل الله بني السِّعلاة (٤) عمرو بن يربوع شرار النَّات (٥)
يريد الناس، فيكون الاسم مُقَدَّراً تقديره (٦): وليس الحين حين مناصٍ.
والثالث: أن التاء ملحق بحين، كما قال:
العاطفون تحينَ ما من (٧) عاطفٍ ... والمطعمون زمان ما مِنْ مُطْعم (٨)
وكذلك تلحق (٩) الآن فيقال: تلآن، قال "الشاعر" (١٠):
نُوَلَّيْ قبل نأي داري جُمانا (١١) وصِلِينا كما زعمتِ تَلآنا (١٢)
(١) انظر: لسان العرب؛ لابن منظور (١٥/ ٣١٣)، مادة " نَدِيَ ".
(٢) " أن" سقطت من (أ).
(٣) في (ب) " ليس فقلب ".
(٤) في (ب) " السعلات " بالتاء، قلت: وهو مروي في بعض الرواية الواردة في البيت.
(٥) البيت منسوب لعلباء بن أرقم، يُعَيِّر بني عمرو بن يربوع بأمهم السعلاة وكانت من الجنِّ كما زعمَ بعض العرب، قلت: وهو مُمْتَنِعٌ شَرْعَاً وعُرْفاً. انظر: فصل المقال (ص: ١٩٤)، لسان العرب (٢/ ١٠١)، مادة " نَوَتَ ".
(٦) في (أ) " وتقديره " بالواو.
(٧) في (ب) " لا من عاطف ".
(٨) البيت لأبي وجزة السَّعدي يمدح آل الزبير. انظر: المحرر الوجيز (٤/ ٤٩٢)، لسان العرب (٢/ ٨٦) مادة " لَيَتَ "، وزاد ابن منظور في روايته نقلاً عن ابن بري: " قال ابن بري صواب إنشاده:
العاطفون تحين ما من عاطف ... والمنعمون زمان أين المنعم؟
واللاحفون جفانهم قمع الذرى ... والمطعمون زمان أين المطعم؟ .
(٩) في (أ) " يلحق ".
(١٠) " الشاعر " سقطت من (ب).
(١١) صدر البيت ساقط من (ب).
(١٢) البيت لجميل بن معمر. انظر: لسان العرب (١٣/ ٧٣)، مادة " تَلَنَ ".