وروي (١) أن علياً - رضي الله عنه - (٢) أنكر هذا وقال: "من حدَّث بحديث داود - عليه السلام - على ما يرويه القُصَّاص معتقداً صحَّته جلدته مائة وستين " (٣) أي حدَّين لعظم ما ارتكب من الإثم وكبير ما احتقب (٤) (٥) من الوزر.
وجاء عن ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهم - إنكاره أيضاً.
وذهب بعضهم إلى أن أوريا خطب امرأة فأراد قومُها تزويجها منه فَوُصِفَتْ لداود فخطبها فزوجت من داودَ فصار ذلك منه معصية. (٦)
وحُمل قوله {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} على أنه الفِعال من الخِطبة بالكسر.
وقال بعضهم: كان ذنبه أنه أحب أن يستشهد أوريا ليتزوج امرأته (٧).
وذهب بعضهم إلى أن ذنبه هو قوله:
(١) في (ب) " وروا ".
(٢) علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أبو الحسن، أمير المؤمنين، أول من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد زوجه خديجة ـ رضي الله عنها ـ وهاجر إلى المدينة، وآخاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوَّجه ابنته (فاطمة ـ سَيِّدة نساء العالمين) وشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاهد كلها عدا تبوك، فقد استخلفه على أهله، وقد اشتهر بفقهه وورعه وزهده، وكان فارساً شجاعاً مقداماً، بويع بالخلافة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قتل عثمان، في ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين، وقام بالخلافة حق القيام حتى قتله الخارجي عبدالرحمن بن ملجم المرادي في مسجد الكوفة بسيف مسموم عند قيامه إلى صلاة الفجر، وذلك ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، ومات - رضي الله عنه - غداة يوم الجمعة، وكانت خلافته خمس سنين وثلاثة أشهر إلا أربعة عشر يوماً. انظُر تَرْجَمَتَه: الطَّبقات؛ لابن سعد (٣/ ١٢)، الاستيعاب (٣/ ١٩٧)، أسد الغابة (٤/ ٨٧)، الإصابة (٤/ ٤٦٤).
(٣) انظر: تفسير النَّسَفي (٣/ ١٠٠٧)، تفسير البيضاوي (٢/ ٣١٠)، الجامع لأحكام القرآن (١٥/ ١٧٤)، تفسير أبي السعود (٥/ ٣٥٨)، روح المعاني؛ للألوسي (٢٣/ ١٨٤).
قال الألوسي: " وهذا اجتهاد منه ـ كرم الله تعالى وجهه ـ ووجه مضاعفة الحد على حد الأحرار أنهم ... - عليهم السلام - سادة السادة وهو مستحسن إلا أن الزَّين العراقي ذكر أن الخبر نفسه لم يصح عن الأمير ".
(٤) في (أ) " ما أحقب ".
(٥) احتقب: يقال: " احْتَقَبَ فلان الإِثْم كأَنَّه جَمَعَه واحْتَقَبَه مَنْ خَلْفهِ انظر: لسان العرب (١/ ٣٢٤)، مادة " حَقَبَ ".
(٦) انظر: أحكام القرآن؛ للجَصَّاص (٣/ ٤٩٩)، تفسير البغوي (٧/ ٨٢)، زادُ المَسِير (٧/ ١٦)، تفسير النَّسَفي (٣/ ١٠٠٧).
(٧) انظر: تفسير البغوي (٧/ ٧٩).