ابن جرير: " تقشعر الجلود خوفاً {ثُمَّ تَلِينُ}، وتم الكلام، ثم قال: {جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} ... أي جلودهم إلى العمل بما فيه، وقلوبهم إلى ذكر الله، أي التصديق به " (١).
وقيل: هذا في أصحاب رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا سمعوا بنزول سورة من القرآن اقشعرت جلودهم إشفاقاً من أن نقم (٢) عليهم ذنب أو أنكر عليهم فعل، ثمَّ إذا تليت عليهم لانت جلودهم وقلوبهم، أي استسلموا لما أمر الله فيها.
{ذَلِكَ} إشارة إلى الكتاب.
{هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٢٣)} إلى الإيمان والثواب.
وقيل: {ذَلِكَ} إشارة إلى الاقشعار، واللين.
والمراد باللين: الاسترسال والإسراع إلى الطاعة، فقوبل الاقشعرار بضده.
{أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وذلك أن الكافر يلقى في النار مغلولاً فلا يمكنه أن يقي النار إلا بوجهه (٣).
وقيل: يُسحب على وجهه في النار.
(١) انظر: جامع البيان (٢٣/ ٢١١) بمعناه.
(٢) في (أ) " يقم عليهم ".
(٣) انظر: معاني القرآن؛ للفراء (٢/ ٤١٨)، جامع البيان (٢٣/ ٢١٢)، معاني القرآن؛ للزَّجاج (٤/ ٢٦٥)، والمحرر الوجيز (٤/ ٥٢٨) وفيه قال ابن عطية: " واختلف المتأولون في قوله: {يَتَّقِي بِوَجْهِهِ} ... وقالت فرقة: المعنى صفة كثرة ما ينالهم من العذاب، وذلك أنه يتقيه بجميع جوارحه، ولا يزال العذاب يتزيد حتى يتقيه بوجهه الذي هو أشرف جوارحه وفيه حواسه، فإذ بلغ به العذاب إلى هذه الغاية ظهر أنه لا متجاوز بعدها.
قال القاضي أبو محمد: وهذا المعنى عندي أبين بلاغة ".