وروي أن في التوراة: يابن آدم كما تنام تموت، وكما تستيقظ تبعث (١).
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} فيما تقدَّم {لَآَيَاتٍ} لدلالات على (٢) البعث {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢)}.
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ} في ... {أَمْ} أقوال: قال بعضهم: هي المعادِلة لهمزة الاستفهام، وتقديره: أعبدوا الأوثان؛ لأنها خَلَقت الكائنات، أم لأنها تدفع المكروه؟ أم لأنها تشفع لهم (٣)؟.
وقيل: هي عديلة الألف في قوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}.
وقيل: هي جواب لما في قوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}، أي هل يتفكرون في ذلك فيقرِّون بالبعث، أم يزعمون أنَّ مع الله غيره له شفاعة (٤).
والشفيع: هو (٥) الذي يصير الطالب به شفعاً، مأخوذ من الشفْع.
وقيل: الشفيع هو الأولى بالشيء كشفيع الدار والعقار (٦).
{قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣)} {أَوَلَوْ}: تقريرٌ، أي كيف تُرجى الشفاعة ممن لا يملك شيئاً ولا يعقل؟ (٧).
وقيل: هؤلاء قوم عبدوا ما يَعقِل فقيل لهم الأمر فيما يعقلُ والجماد سواء.
{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} فلا يشفع ولا يملك أحدٌ الشفاعة إلا بإذنه.
وانتصبَ {جَمِيعًا} الحال (٨)، وليس بتأكيد؛ لأنَّه لو كان تأكيداً لقال: جمْعاً.
{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤)}.
{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ} إذا قيل له: لا إله إلا الله (٩).
وقيل: إذا قرئ: بسم الله الرحمن الرحيم.
{اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ} انقبضت.
وقيل: استكبرت، وقيل: نفرت، وقيل: أنِفَت (١٠).
وانقبضت أحسنُ ليقع في مقابلة يستبشرون (١١)؛ لأن الاستبشار: انبساط الوجه، والاشمئزاز: التَّقَبُّض (١٢).
{وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} أي الأوثان.
{إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)} وفي بعض التفاسير: أنَّ هذا كان يوم قرأ - صلى الله عليه وسلم - سورة: والنَّجم، وذكر آلهتهم فاستبشروا (١٣).
(١) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٠١٦).
(٢) " على " ساقطة من (ب).
(٣) في (أ) " لكم ".
(٤) انظر: معاني (أم): الجمل في النحو؛ للخليل بن أحمد الفراهيدي (ص: ٣٣٩)، الجنى الداني؛ للمرادي (ص: ٢٠٤)، مغني اللبيب؛ لابن هشام (ص: ٦١).
(٥) " الذي " ساقطة من (أ).
(٦) انظر: جامع البيان (١/ ٢٦٧)، لسان العرب (٨/ ١٨٣) مادة (شَفَعَ).
(٧) انظر: معاني القرآن؛ للنَّحاس (٦/ ١٨٠)، المحرر الوجيز (٤/ ٥٣٤).
(٨) انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ١٢)، المحرر الوجيز (٤/ ٥٣٤)، غرائب التفسير (٢/ ١٠١٦).
(٩) قال ابن جرير: " يقول تعالى ذكره وإذا أفرد الله جل ثناؤه بالذكر فدعي وحده، وقيل: لا إله إلا الله اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالمعاد والبعث بعد الممات " جامع البيان (٢٤/ ١٠).
(١٠) وهذه الأقوال جِماع ما ذُكر في الآية انظر: جامع البيان (٢٤/ ١٠)، النُّكَت والعُيُون (٥/ ١٢٩) تفسير البغوي (٧/ ١٢٣).
(١١) وهو قول ابن عبَّاس ومجاهد وقتادة وغيرهم انظر: تفسير مقاتل (٣/ ١٣٥)، جامع البيان (٢٤/ ١٠)، تفسير البغوي (٧/ ١٢٣).
(١٢) قال الزَّمخشري: " ولقد تقابل الاستبشار والاشمئزاز؛ إذ كل واحدٍ منهما غاية في بابه؛ لأنَّ الاستبشار: أن يمتلئ قلبه سروراً حتى تَنْبَسط له بشرة وجهه ويتهلّل، والاشمئزاز: أن يمتلئ غمَّاً وغيظاً حتى يظهر الانقباض في أديم وجهه ". الكشاف (٤/ ١٣٤).
(١٣) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ١٣٥)، جامع البيان (٢٤/ ١٠)، المحرر الوجيز (٤/ ٥٣٤)، تفسير البغوي (٧/ ١٢٣).