(١) فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه (٢)، فأنزل الله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} " (٣).
القبضة تُذكر، والمراد بها ما قبضتَ عليه بجمع كفِّك، وتُذْكَرُ (٤) والمراد بها: ما في تصرُّفك، كما يكتب في الشروط صارت (٥) الدار في مُلكه وقبضه (٦)، والتي في الآية منها (٧)؛ لأن المراد
(١) في الصحيحين: " ثم يقول: أنا الملك، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... "
(٢) النَّجْذُ: شِدَّة العَضِّ بالناجِذِ وهو السِنُّ بين الأنيابِ والأَضْراسِ، والنَّواجِذُ من الأسْنان: الضَّواحِك وهي التي تَبْدو عند الضَّحك. والأكثر الأشْهَر أنها أقْصى الأسْنان، والمعنى في قوله: (بدت نواجذه: انْفَتح فُوهُ من شِدَّة الضَّحِك حتى رأى آخر أضْراسه من اسْتقبله". انظر: كتاب العين (٦/ ٩٥)، مادة (نَجَذَ)، غريب الحديث؛ لابن قتيبة (١/ ٤١٦)، جامع الأصول؛ لابن الأثير (٢/ ٣٣٩)، النهاية في غريب الحديث (٥/ ٤٨)، مادة (نَجَذَ).
(٣) الحديث: أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: (لما خلقت بيدي) ص: ٧٥، برقم (٧٤١٥)، وفي كتاب التفسير - سورة الزمر، باب قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، برقم (٤٨١١)، وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب: كتاب صفة القيامة، والجنَّة والنار، برقم (٦٩٧٩).
(٤) في (أ) " يذكر " في الموضعين.
(٥) في (أ) " وصارت".
(٦) انظر: كتاب العين (٥/ ٥٣) مادة (قَبَضَ)، المفردات (ص: ٦٥٢)، مادة (قَبَضَ)، لسان العرب (٧/ ٢١٣)، مادة (قَبَضَ).
(٧) والصحيح في الآية هو الأول، والمعنى الثاني ليس هو المقصود هنا، بل هذا مما وقع فيه الجهمية، وغيرهم، وهو خلاف ما قرره أهل السنة والجماعة في ذلك.
قال ابن بَطَّة: " "وقالت الجهمية إنما معنى قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} كقولك: الدار في قبض فلان، يعني: في مُلكه، وقد قبضت المال وليس في كفك شيء، وكذلك تقول: الأرض والدار والغلام والدابة في قبضتي فقول الجهمي: الدار في قبضه فلان، إنما يريد بذلك المغالطة وإدخال الشك والريب على قلب الضعفاء من المسلمين، فسوى بجهله بين القبض والقبضة.
ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: الدار في قبضة فلان، فإذا أردت الملك وما أشبهه من القبض لم تدخل الهاء، فإن أردت قبضة اليد أدخلت الهاء، فكذلك قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} ". الإبانة في أصول الديانة (٣/ ٣١٦). =