وقيل: يجعل (١) قلبك كالمختوم عليه لا يصل إليه شيء ولا يخرج منه شيء.
وقيل: لأماتك فإن قلب الميت كالمختوم عليه، ومثله: {لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)} الحاقة: (٤٦).
مقاتل: " فإن يشأ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم فلا يدخل قلبك حَزن ... ولا ضيق " (٢).
ثم استأنف فقال: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} يرفعه ويزيله، ويهلك الشر.
وحذف الواو من الخط لا للجزم ومثله: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ} الإسراء: (١١) و {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)} العلق: (١٨).
وذهب أبو علي الجُبَّائي (٣): " أن الواو حذف للجزم، وجعل معنى الآية: إن اقتربت ختم على قلبك ومحا الباطل المفترى " (٤).
فعلى قوله: {وَيُحِقُّ الْحَقَّ}: استئنافٌ، ومعناه: يُظهر الحق ويُثبته.
{بِكَلِمَاتِهِ} بالقرآن، وقيل: يُصَدِّق رسوله بوحيه، وقيل: ينصُر دينه بوعده.
{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٢٤)} بضمائر القلوب، فلو علم من قلبه أنه همَّ بالافتراء لعاجله بالعقوبة (٥)، فكيف إذا نطق به وصرَّح {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} إذا تابوا؛ لأنه إن لم يقبل كان إغراءً بالمعاصي (٦).
(١) في (ب) " لجعل ".
(٢) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ١٧٨).
(٣) أبو علي الجُبَّائي هو: محمد بن عبد الوهاب بن سلام، أبو علي الجُبَّائي البصري، شيخ المعتزلة، كان رأساً في الفلسفة والكلام، وإليه نسبة الطائفة (الجبائية)، وله مقالات مشهورة وتصانيف وتفسير، أخذ عنه ابنه أبو هاشم، والشيخ أبو الحسن الأشعري، ثم أعرض الأشعري عن طريق الاعتزال وتاب منه ونابذه وتسنن، تُوُفِّي الجُبَّائي سنَة ثلاث وثلاثمائة للهجرة. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ: سِيَرُ أعلام النُّبَلاء (١٤/ ١٨٣)، طبقات المفسرين؛ للسِّيُوطي (ص: ٨٨) الأعلام (٦/ ٢٥٦).
(٤) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٠٥٢).
(٥) في (ب) " العاجلة بالعقوبة ".
(٦) في (أ) " كان إعراضاً لمعاصي ".