{وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢)} أي: هو بشرى، وقيل: وليبشِّرَ بشرى.
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} جاء مَرفوعاً: " أقامُوا عليه ولم يرجعوا عنه " (١).
وقيل: استقاموا على كلمة الإخلاص (٢)، وأداء الفرائض.
{فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} في القيامة.
{وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣)} عند الموت.
{أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٤)}.
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} (٣) أمرناه أن يُحسن إليهما إحساناً.
{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} أي: بالمشقة والصعوبة يريد حالة ثقل الحمل في بطنها، لا في ابتداء الحمل (٤).
{وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} بالمشقة والصُّعوبة، الضَّمُّ والفتحُ (٥) لغتان (٦)، وقيل: الفتحُ المصدر والضَّمُّ الاسم، وقيل: الفتح المَّشقة، والضَّم: الإجبار.
{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ} أراد مُدَّة حمله وفصاله، وهو الفطام (٧) (٨).
{ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ذكر أقل الحمل، وهو ستة أشهر، ونهاية الرَّضاع، وهي حولان لقوله: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} لقمان: (١٤) , وما يزاد في أحدهما نقص (٩) من الآخر، وليس هذا حتماً واجباً، وللفقهاء فيه خلاف (١٠).
وقال صاحب النَّظم: " هذه الآية خاصَّة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان حمله ستَّة أشهر " (١١).
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي}:
قيل: نزلت في سعد بن أبي وقاص، وقد سبق (١٢).
وفي سبب (١٣) النزول عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في رواية عطاء أنَّها (١٤) نزلت في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وذلك أنَّه صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثماني عشرة سنة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عشرين سنة، وهم يريدون الشام، فنزلوا منزلاً فيه سدرة فقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ظلِّ السِّدرة (١٥)، ومضى أبو بكر إلى راهبٍ هناك يسأله من الدِّين فقال له: من الرَّجل الذي في ظلِّ السِّدرة؟
فقال أبو بكر (١٦) - رضي الله عنه -: ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.
فقال: هذا والله نبيٌّ، فما استظَلَّ تحتها (١٧) أحدٌ بعد عيسى بن مريم إلا محمدٌ - صلى الله عليهما - (١٨) فوقع في قلب أبي بكر - رضي الله عنه - اليقين والتَّصديق (١٩) فكان لا يكاد يفارق رسول الله
(١) أورده الماوردي في النكت والعيون (٥/ ٢٧٥) عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً.
(٢) في (ب) " حكم الإخلاص ".
(٣) في (ب) " حسنا ". قرأ بها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر بغير ألف.
(٤) انظر: تفسير مجاهد (٢/ ٥٩٤)، تفسير مقاتل (٣/ ٢٢٢)، جامع البيان (٢٦/ ١٥)، النكت والعيون (٥/ ٢٧٦).
(٥) في (أ) " الفتح والضمُّ ".
(٦) أي: للكاف في {كُرْهًا} " فقد قرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي {كُرْهًا} بضم الكاف في الحرفين، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {كَرْهًا} بنصب الكاف في الحرفين. انظر: جامع البيان (٢٦/ ١٥)، السبعة (ص: ٥٩٦)، معاني القراءات (ص: ١٢٢)، الحجة (٦/ ١٨٤)، التيسير (ص: ١٦١).
(٧) الفِطَام: يقال: فَطَمَتِ الصَّبِيَّ أُمُّهُ تَفْطِمُهُ أي: تَقْطَعُهُ عن الرَّضاع. انظر: كتاب العين (٧/ ٤٤٢) مادة " فَطَمَ "، لسان العرب (١٢/ ٤٥٤) مادة " فَطَمَ ".
(٨) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٢٢٢)، جامع البيان (٢٦/ ١٦)، معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٤/ ٣٣٧).
(٩) في (أ) " ينقص ".
(١٠) انظر: أحكام القرآن؛ للجَصَّاص (٣/ ٥١٧)، النكت والعيون (٥/ ٢٧٦)، تفسير السمعاني (٥/ ١٥٤)، المحرر الوجيز (٥/ ٩٧)، المغني؛ لابن قدامة (١١/ ٢٣١)، الجامع لأحكام القرآن (١٦/ ١٨٨).
(١١) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٠٩٤).
(١٢) الآية (١٤) من سورة لقمان، والآية (٨) من سورة العنكبوت.
(١٣) في (ب) " في سبب ".
(١٤) " أنَّها " ساقطة (ب).
(١٥) في (ب) " في ظلِّها ".
(١٦) " أبو بكر " ساقط من (أ).
(١٧) " تحتها " ساقطة من (أ).
(١٨) في (ب) "محمد نبيُّ الله ".
(١٩) في (أ) " والصدق ".