{فَأَوْلَى لَهُمْ (٢٠)}: كلمة تحذير أي: وَلِيَكَ شرٌّ فاحذرْه، هذه عبارةُ كثيرٍ من المفسرين (١).
وقيل: العقابُ أولى لهم، أي: أولى الأشياءِ لهم أنْ يُعاقبوا.
وقيل: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}: أولى لهم (٢) من الجزعِ عند الجهاد، فلا يكونُ حينئذٍ للوعيد.
ويُحتملُ أن {أَوْلَى} اسمٌ على وزن أفعل، جُعل علَماً للتهديدِ والوعيد، فلم ينصرفْ.
ويجوزُ أنْ يكونَ أفعل للتفضيل، أي: أولى الأشياء بك كذا، كما ذكرت.
ويجوزُ أنْ يكونَ فعلاً متعدياً من (وَلِيَ)، أي: أولاه اللهُ المكروهَ، كثُرَ استعمالُها، فحُذف بعضُها للعلم به.
ويجوزُ أنْ يكونَ " فعلى " من (آل، يؤول)، أي: يؤولُ أمرُك إلى شرٍّ فاحذرْه (٣).
وذُكر عن ابن عباسٍ رضيَ الله عنهما أنه قال: {أَوْلَى} وعيدٌ، والكلامُ به تامٌّ، ثم قال ... {لَهُمْ}، أي: للمؤمنين. {طَاعَةٌ} لله ولرسوله، {وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}. حكاه الفرّاء، ثم قال: ((وكلامُ العرب عندنا أن يكونَ {لَهُمْ}: متّصلاً بـ {فَأَوْلَى})) (٤).
المبردُ: " يُقال للإنسان إذا كاد يعطب، ثم أفلت: أولى لك، أي: قاربتَ العطَب ثم نجوتَ، قال: وهو في القرآن على معنى التحذير " (٥).
وقول الشاعر (يتلهَّف على الصيد):
فلو كان " أولى " يُطعم (٦) القوم صدتها ... ولكن " أولى " يُتركُ القومُ جُوَّعا (٧) (٨)
(١) انظر: معاني القرآن؛ للفراء (٣/ ٦٢)، جامع البيان (٢٦/ ٥٥)، معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ١١)، معاني القرآن؛ للنَّحَّاس (٦/ ٤٧٩)، تفسير السمرقندي (٣/ ٢٨٧)، النكت والعيون (٥/ ٣٠١).
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (أ).
(٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٠٦)، البيان في غريب إعراب القرآن (٢/ ٣٧٥)، المحرر الوجيز (٥/ ١١٧).
(٤) انظر: معاني القرآن؛ للفراء (٣/ ٦٢)، وهذا القول أورده ابن جرير في جامع البيان (٢٦/ ٥٥) وقال عن إسناده أنَّه غير مرتضى.
(٥) انظر: الجامع لأحكام القرآن؛ للقرطبي (١٦/ ٢٣٤).
(٦) في (أ) " مطعم ".
(٧) البيت أورده غير واحدٍ من أهل اللغة والتفسير غير معزو انظر: معاني القرآن؛ للنَّحَّاس (٦/ ٤٨٠) الجامع لأحكام القرآن؛ للقرطبي (١٦/ ٢٣٤)، لسان العرب (١٥/ ٤٠٦) مادة " ولي "، البحر المحيط (٩/ ٥٥٦).
(٨) المعنى للبيت: أن كلمة " أولى " لو كانت تطعم أحداً من القوم لصاد الأرانب والغزلان، ولكنَّ هذه الكلمة تترك الناس جياعاً خمص البطون. انظر حاشية (١) (٦/ ٤٨٠) معاني القرآن؛ للنَّحَّاس.