وهذا حجةُ مَن ذهب في الآية الأولى إلى أنه الشيطان.
والمعنى: أنه إذا أُلقيَ في النار ادَّعى على قرينه من الشياطين، فيقولُ قرينُه:
{رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ}: كما زعم.
{وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٢٧)}: وصَحِبتُه على طُغيانه وضلاله، وقيل: ولكنْ كان طاغياً باختياره.
الفرّاء: " {فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} من الرَّشاد والحقِّ " (١).
وقيل: {فِي ضَلَالٍ} متقادِمٍ بعيد المدّة عن وقت صُحبتي.
{قَالَ} الله تعالى (٢) {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ}: بإحالة بعضِكم الذنبَ على البعض، فكلٌّ منكم مستحقٌّ للعذاب.
{وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨)}: بهذا العذاب على ألسنة رُسلي، فلا عذرَ لأحدٍ عندي.
ابنُ عباس - رضيَ الله عنهما -: " الوعيد: الرسول " (٣).
وقيل: القرآن، وقيل: الأمر والنهي.
{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ}: هو إخلادُ الكفّار في النار (٤).
وقيل: لا يُحرَّفُ ولا يُزادُ ولا يَنقُصُ.
وقيل: هو قولُه: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، هود: ١١٩.
(١) لم أقف عليه في معاني القرآن؛ للفرَّاء.
(٢) لفظ الجلالة " الله " ساقط من (أ).
(٣) انظر: النكت والعيون (٥/ ٣٥٢).
(٤) انظر: تفسير النسفي (٤/ ١١٤٦)، التسهيل (٤/ ٦٥).