لقد نقّبتُ في الآفاق حتى ... رضِيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ (١)
فلم يجدوا من الموت محيصاً، أي: موضعاً يهربون إليه.
وقيل: المنقِّبون (٢) هم الذي كذّبوا الرسل، تقول: نقّبوا في البلاد يطلبون محيصاً من عذابهم، فلم يجدوه.
وقيل: فنقّب مشركو قريشٍ، وساروا في بلاد أولئك القوم، وشاهدوا آثارَ ما حلّ بهم من حيثُ لم يجدوا منه محيصاً.
والمعنى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} إبراهيم: ٤٥ (٣).
وقيل: معناه: هل كان لهم من محيص.
والنقْبُ: الخرْقُ والدخولُ (٤) في الشيءٍ، والنَّقْبُ الطريق أيضاً.
والمعنى: ساروا في طرقها (٥).
وقيل: (نَقَّبُوا في البلاد): أكثروا السيرَ فيها، حتى نقبت دوابُّهم، أي: صارت في خُفها نُقوبٌ.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ}: فيما ذُكر في هذا السورة {لَذِكْرَى}: تذكيراً وعِظةً.
{لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ}: أي: عقل، والقلبُ يُذكرُ والمرادُ به (٦) العقل (٧).
(١) ديوان امرئ القيس (ص: ٧٢)، وفيه بلفظ:
وقد طوَّفت في الآفاق حتى ... رضِيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ.
ولفظ المتن في جامع البيان (٢٦/ ١٧٦).
(٢) في (أ) " المنقوب ".
(٣) أي في مثل معنى الآية.
(٤) في (أ) " والنقب والخرق: الدخول ".
(٥) انظر: جامع البيان (٢٦/ ١٧٦)، المفردات (ص: ٨٢٠)، مادة " نَقَبَ "، لسان العرب (١/ ٧٦٥)، مادة " نَقَبَ ".
(٦) في (أ) " ويريد به ".
(٧) ويطلق ويراد به القلب الذي بعينه في الصدر {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} الحج: ٤٦، كما يطلق ويراد به الرأي، كما قال تعالى: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} الحشر: ١٤ انظر: الوجوه والنظائر؛ للدامغاني (ص: ٦٣٩).