ويحتمل أن المرادَ بالكلِّ الملائكة؛ لإجماعهم على أنَّ المُقسِّمات أمراً: هم الملائكة، ... فيكون الكلُّ من جنسٍ واحدٍ؛ لأنَّه عطف بعضَها على بعضٍ بالفاء، وذلك يَقْتَضِى اتّصالاً وتعقيباً، فيصيرُ التقديرُ: أقسم بالملائكة التي تذروا الرياح فتحمل السحابَ فتجري بها وتقسمها في البلاد بين العباد (١).
ولهذا المعنى حمل ابنُ بحرٍ الجميعَ على الرِّياح (٢).
وسأل عبد الله بن الكوّاء عليّا - رضي الله عنه - عن {وَالذَّارِيَاتِ}، فقال: " الرِّياح، وعن ... {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا}، فقال: السَّحاب، وعن {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا}، فقال: السُّفن،
وعن {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا}، فقال: الملائكة " (٣).
وهذا أولى الأقوال. والله أعلم (٤).
{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥)}: لصدقٌ، وقع اسمُ الفاعل موقعَ المصدر (٥).
وقيل: {لَصَادِقٌ}: أي: ذو صدق.
وقيل: تقديره لوعد صادق، فحذف المضاف وأُقيم المضافُ إليه مَقامه.
ويحتمل: أن الوعدَ وُصف بالصدق للمبالغة، كما تقول شِعْرٌ شَاعرٌ، وسِرٌّ كاتمٌ.
{وَإِنَّ الدِّينَ}: الجزاء على الأعمال.
(١) في (أ) " بين البلاد وبين العباد ".
(٢) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٣٨).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ٢٤١)، وأخرجه ابن جرير في جامع البيان (٢٦/ ١٨٧)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٠٦) وقال: " هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ".
(٤) " والله أعلم " ساقطة من (أ).
(٥) انظر: جامع البيان (٢٦/ ١٨٧).