وإبهامه يدلُّ على عظم قدره (١).
{مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧)}: ما مال يميناً وشمالاً، ولا جواز الحدّ قُدَّاماً.
وقيل: {مَا زَاغَ}: ما قصّر عن النظر إلى ما أُمر به، {وَمَا طَغَى}: ولا جاوز ما لم يُؤمرْ بالنظر إليه.
وقيل: ما زاد وما نقص (٢).
{لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)}: هي ما رأى ليلةَ المعراج ويطول تعدادها.
ولا يدخل في هذه الآية رؤيةُ الله تعالى؛ لأنَّ آياتِ الله غيرُ الله (٣).
و {الْكُبْرَى}: يجوزُ أنْ يكونَ المفعولَ، أي: لقد رأى الكبرى من آيات ربه، فيكون {مِنْ} للتبعيض.
ويجوز أنْ يكونَ صفةً للآيات، ومحلها جرٌّ، والمفعولُ محذوفٌ، أي: آيات من آيات ربه الكبرى، ويجوز أنْ يكونَ {مِنْ} زيادة، و {آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}: مفعول. وزيادة من الإثبات قليل (٤).
{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)}: ذهب بعض المفَسِّرين إلى أنها أسماءُ أصنامٍ (٥) كانت في الكعبة تعبدها العربُ (٦).
(١) انظر: التسهيل (٤/ ٧٦)، البحر المحيط (١٠/ ١٤).
(٢) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٥٧)، النُّكت والعيون (٥/ ٣٩٦).
(٣) لعلَّ هذا ردٌّ من المؤلِّف على من فسَّر الآيات الكبرى برؤية الله تعالى، قال السّمعاني في تفسيره (٥/ ٢٩٢): " وينبغي أن يقال: إن ثبت النَّقل أنه رأى ربَّه، نحكم بالرؤية ونعتقدها، وإن لم يثبت النَّقل فالأمثل أنه لم ير "
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ٩٩)، البحر المحيط (١٠/ ١٤).
(٥) الأصنام: هي المنحوتة على خلقة البشر، وما كان منحوتاً على غير خلقه البشر، فهي أوثان. انظر: المحرر الوجيز (٣/ ٣٤١).
(٦) ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن (٢/ ٢٣٦)، وابن جرير في جامع البيان (٢٧/ ٦٠)، وحكاه عن بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة، وقال ابن الكلبي: "ولم تكن قريش بمكة ومن أقام بها من العرب يُعَظِّمون شيئاً من الأصنام إعظامهم العُزَّى ثُمَّ اللات ثُمَّ مناة ". الأصنام (ص: ٤٢).