{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني آدم -صلى الله عليه وسلم-.
{فَمُسْتَقَرٌّ} قرئ: بالفتح والكسر (١)، فالكسر: اسم الفاعل بمعنى القار، والفتح: المصدر أو المكان، لأن استقر لازم.
{وَمُسْتَوْدَعٌ} يصلح للمفعول والمصدر والمكان، فمن قرأ {فَمُسْتَقَرٌّ} بالكسر فالمستودع مفعول، فيكون تقديره: فمنكم مستقر ومنكم مستودع، ومن قرأ بالفتح: فالمستودع مثله في أن يكون مصدراً أو مكاناً (٢)، أي: فلكم مستقر ولكم مستودع.
واختلفوا في معناهما:
فقال ابن مسعود رضي الله عنه: فمستقر: في الرحم، ومستودع: في القبر (٣).
ابن عباس رضي الله عنهما: فمستقر: في الأرض، ومستودع: في الأصلاب (٤).
ابن بحر: فمستقر: في أصلاب الرجال، ومستودع: في أرحام النساء (٥).
قتادة: على الضد (٦).
وقيل: فمستقر: في الدنيا، ومستودع: في القبر.
وقيل: فمستقر: في الدنيا، ومستودع: في الآخرة.
وقيل: فمستقر: مَنْ خُلِق، ومستودع: مَنْ لم يُخْلَق بَعْد.
وقيل: فمستقر: الأب، ومستودع: الأم.
ويحتمل: فمستقر: الجنة أو النار، ومستودع: من يوم خلق إلى أن صار إلى جنة أو نار.
{قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨)} قال في الأولى {يَعْلَمُونَ} لأن الدلالة في الأولى أظهر، وفي الثانية {يَفْقَهُونَ (٩٨)} لأن الدلالة أغمض (٧).
وفَقِهَ الشيءَ: عَلِمَهُ بما يتشعب منه، فَيُوْصَلُ إليه بإنعام النظر بعد معرفة ظاهره.
(١) في (ب): (بالكسر والفتح).
وقراءة الكسر هي قراءة ابن كثير وأبوعمرو وروحٌ عن يعقوب، وقرأ الباقون بفتح القاف. انظر: «المبسوط» لابن مهران (ص ١٧٢). وقد اتفقوا على فتح الدال من (مستودع). انظر: «النشر» لابن الجزري ٢/ ٢٦٠.
(٢) هكذا في (جـ) أما في (أ) و (ب) فهي بالواو (مصدراً ومكاناً)، ولعل المناسب للسياق هو ما أثبته من (جـ)، والله أعلم.
(٣) أخرجه البطري ٩/ ٤٣٣ وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٥٦ (٧٦٨٥) و ٤/ ١٣٥٧ (٧٦٩٤).
(٤) أخرجه الطبري ٩/ ٤٣٥ وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٥٧ (٧٦٩٢) وسعيد بن منصور في «السنن - قسم التفسير» ٥/ ٤٥ (٨٩٢).
(٥) انظر: «البحر المحيط» لأبي حيان ٤/ ١٩٢.
(٦) يعني على العكس من قول ابن بحر، وكان الأولى بالمصنف أن يقدم قول قتادة. وقول قتادة أخرجه عبدالرزاق في تفسيره ١/ ٢١٤، والطبري ٩/ ٤٤١.
(٧) في (ب): (الدلالة فيها أغمض).