والطَّرف: النظر بطرف العين، وهو الجفن.
ولم يُجمع في الآية؛ لأنَّ المرادَ به المصدرُ (١).
{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}: لم يمسهنَّ {إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦)}: قيل ما أدماهنَّ بالجماع أحدٌ.
والطَّمث: المجامعة بالتَّدمية (٢)، والضّمُ فيه لغةٌ (٣).
وقوله: {إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}: أي: حورٌ للإنس لم يطمثهن إنس، وحورٌ للجنّ لم يطمثهن جنٌّ. وهذا دليل أنَّ الجنّ يجامع (٤).
وقيل: لم يجامع حورَ الإنسِ الجنُّ، فقد روي: " أنَّ الرَّجل إذا لم يذكر اسمَ الله عند الجماع شاركه في جماعه الشيطانُ يجامعُ امرأتَه معه " (٥).
الحسن: يقول هنّ المؤمنات، لم يمسُّهنَّ قبلَ أزواجهن في الجنَّة أحدٌ بعد خلق الله إياهنّ الخلقَ الثاني " (٦).
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧)}.
{كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨)}: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ} حمرةً وصفاءً، ... {وَالْمَرْجَانُ}: بياضاً وضياء (٧).
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٩)}.
{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠)}: أي: ذلك جزاء المؤمنين، أحسَنوا في الدنيا فأحسَن الله إليهم في العُقبى.
ابن عبّاس رضيَ الله عنهما: " هل جزاء لا اله إلا الله إلا الجنَّةُ ونعيمُها " (٨) (٩).
ابن عبّاس أيضاً وابن عمر رضيَ الله عنهم، قالا: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله ما جزاء مَن أنعمت عليه لمعرفتي وتوحيدي إلا أنْ أسكنَه جنتي وحظيرةَ قدسي برحمتي)) (١٠).
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦١)}.
{وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)}: أي: دون الجنّتين اللتين تقدّمتا جنتان أُخريان.
ومعنى {دُونِهِمَا}:
قيل: في الدرجة.
وقيل: في المكان، أقرب منهما إلى قصره (١١).
وقيل: معنى {دُونِهِمَا}: معهما، فيكونُ لكلّ مؤمن أربعُ جِنانٍ في الجهات الأربع: بين يديه ومن خلفه ويمينه وشماله.
وقيل: أربعُ جِنانٍ على التوالي، ليتضاعف لكَ السّرورُ بالتنقُّل من جنَّةٍ إلى جنَّةٍ.
المبرّد: جنتان علييان سفليان، فالعلييان: جنَّة عدن وجنَّة النعيم، والسُّفليان: جنَّة الفردوس وجنَّة المأوى (١٢).
وقيل: الأوليان جنتان في القصر، والأُخريان جنتان خارجَ القصر.
وقيل: الأوليان للرجال والولدان، والأُخريان للنساء والحور العين (١٣).
الحسن: الأوليان للسابقين إلى الأنبياء بالإيمان، والجنتان دونهما للأتباع " (١٤).
(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٧٤)، البحر المحيط (١٠/ ٦٩).
(٢) انظر: معاني القرآن؛ للفرَّاء (٣/ ١١٨)، جامع البيان (٢٧/ ١٦٢).
(٣) وبها قرأ الكسائي من السبعة {يَطْمُثْهُنَّ}، والجمهور على كسر الميم لَمْ {يَطْمِثْهُنَّ}، انظر: السَّبعة (ص: ٦٢١)، معاني القراءات (ص: ٤٧٥)، الحُجَّة (٦/ ٢٥٢).
(٤) انظر: معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ٨١)، الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٧٥).
(٥) أخرجه ابن جرير في تفسيره (جامع البيان (٢٧/ ١٥١) عن مجاهد، وأورده البغوي في تفسيره (٧/ ٤٥٤).
(٦) انظر: تفسير السَّمعاني (٥/ ٣٣٦).
(٧) انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٥٢)، معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ٨٢).
(٨) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٠)، تفسير البغوي (٧/ ٤٥٥).
(٩) هذا القول مؤخر في (أ) عما بعده، والسياق يقتضي تقديمه.
(١٠) أخرجه الثعلبي في تفسيره (٩/ ١٩٢)، وأوره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٧٧).
(١١) انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٥٤)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٠).
(١٢) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٠)، الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٧٧).
(١٣) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٠).
(١٤) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٠) المحرر الوجيز (٥/ ٢٣٥).