{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٧)}.
{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)}: هذه دون الأولى؛ لأنَّه ذكر في الأُولى من كلّ فاكهةٍ.
والنخل والرُّمان عند بعض الفقهاء ليسا من الفاكهة؛ لأنَّ المعطوفَ غيرُ المعطوف عليه، قال: ولو حلف لا يأكلُ الفاكهةَ، ثم أكل تمراً ورمّاناً لا يحنث.
وعند بعضهم هما من الفاكهة، وأُفردا بالذكر لفضلهما عند العرب، ومثله: ... {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}، البقرة: ٩٨ (١).
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٩)}.
{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠)}: في الجنان الأربع.
وقيل: يعود إلى الخيام المذكورة بعدُ.
والخيرات: جمع خيرة، والأصل خيِّرة بالتشديد، فخُفّف كهين وهيّن، ولين وليِّن.
وقيل: {خَيْرَاتٌ}، أي: عذارى، حسانُ الوجوه.
وقيل: جنات فيهن محاسن من فعل الخير وحُسن الخُلق.
وذُكر أن الفعلَ من الأول حَسُن وجهُه بالضّم، ومن الثاني حَسِن بالكسر.
والجمهور على أنَّهنّ الحور العين، أنشأهنّ الله للمؤمنين.
وقيل: هنَّ نساء المؤمنين.
وقيل: هنَّ النساء المؤمنات الخيرات الصَّالحات (٢).
{فَبِأَيِّآَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧١)}.
{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢)}: محبوسات في الحِجال.
وقيل: مقصوراتُ الطَّرْف على أزواجهنَّ.
وقيل: مخدَّرات.
وقيل: مبيَّضات، من قصارة الثوب، وهو تبييضُه. وفيه بُعدٌ (٣) (٤).
وفي الخيام ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّها البيوت.
الثاني: لأهل الجنَّة خيامٌ خارجَ القصور كهيئة البدو.
والثالث: هي الخيام في الدرّ، فيهن الحور العين (٥).
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٣)}.
{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٧٤)}: كُرّر لأنَّهنَّ غير الأُوليات (٦).
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٥)}.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ}: وسائدَ ونمارقَ، الواحد رفرفةٌ، أي: كما اتَّكؤوا في الأُوليين {عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} كما اتَّكؤوا في الأُوليين {عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ}.
وقيل: الرَّفرف رياض الجنان، واحدها رفرفةٌ، من رفَّ النّبتُ يرِفُّ: إذا صار غضّاً نضِراً.
(١) وقد نسب القول في ذلك لأبي حنيفة، والجمهور أنه من الفاكهة. انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٥٦)، أحكام القرآن؛ للجصَّاص (٣/ ٥٥٤)، الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٧٧)، المغني لابن قدامة (١٣/ ٥٩١).
(٢) انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٥٨)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٤١)، زاد المسير (٧/ ٣١٧).
(٣) انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٥٩)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٢).
(٤) قال ابن جرير: " والصَّواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنَّ الله - تبارك وتعالى - وصفهن بأنهن مقصورات في الخيام، والقصر: هو الحبس، ولم يُخَصِّص وصفهن بأنهن محبوسات على معنى من المعنيين اللذين ذكرنا دون الآخر بل عَمَّ وصفهن بذلك " جامع البيان (٢٧/ ١٦٠).
(٥) انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٦٠)، تفسير الثعلبي (٩/ ١٥٩)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٤٢).
(٦) قال ابن كثير: " وقوله تعالى: " {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} قد تقدَّم مثله سواء إلا أنه زاد في وصف الأوائل بقوله: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٩)} تفسير القرآن العظيم (٤/ ٢٩٨).