وقيل: تم الكلام على قوله: {كَلَّا} ثمَّ ذكر إنكارَهم البعث وقدرته على الإعادة , فقال: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ}.
ويحتملُ - والله أعلم - أنَّ {مَا} بمعنى " مَن " , كما قد قيلَ في الآية وفي غيرها , ويكون المراد به آدم - عليه السلام -.
والمعنى: أيطمعُ هؤلاءِ مع كفرهم ومعاصيهم أن يدخلوا الجنَّةَ وقد أخرجنا آبائهم منها بمعصيةٍ {كَلَّا} لا تطمعوا فيها (١). والعلم عند الله.
{فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}: سبق.
{إِنَّا لَقَادِرُونَ (٤٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ}: على أن نهلكَهم حيَن عصوكم ونأتي بخلقٍ أمثلَ منهم وأطوعَ لله تعالى وأرضى منهم.
{وَمَانَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١)}: بمغلوبين إن أردنا ذلكَ.
وقيل: {لَقَادِرُونَ (٤٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ} (٢) محمداً خيراً منهم , وهم (٣) أهلُ المدينة , وقد فعل.
{وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ}. عاجزين؛ لأن من سبقَ إلى شيءٍ فقد عجز. وحقيقةُ السبق: التقدم إلى الشيء.
{فَذَرْهُمْ}: دعوهم (٤) , أمرُ تهديدٍ لهم.
قيل: منسوخٌ بالقتال.
{يَخُوضُوا}: في الباطل.
{وَيَلْعَبُوا}: يلهو (٥) في دنياهم.
{حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢)}: فيه العذاب.
قيل: يومَ بدر.
وقيل: يومَ البعث (٦).
{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا}: إلى الداعي , جمعُ سريع , والفعلُ منه أسرع.
{كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ}: قرئ {نَصْبٍ} بفتح النون وسكون الصاد.
وفي تفسيره ثلاثة أقوال: أحدها: صنمٌ وكانوا يسارعون إلى عبادته.
وقيل: حجارةٌ طوال كانوا يعبدونها.
الحسن: " كانوا يبتدرونَ إلى الصنم أيهم يستلمُهُ أولاً " (٧).
والثاني: إلى علم.
والثالث: إلى غاية.
وقرئ {نُصُبٍ} بضمتين (٨).
والظاهر إنه الصنم , كقوله (٩): {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} المائدة: ٣.
وقيل: جمع نصب كَرَهن ورُهن (١٠).
(١) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢٥٤).
(٢) في (ب) " وقيل: القادرون ".
(٣) في (أ) " وهو أهل ".
(٤) في (أ) " دعهم ".
(٥) في (أ) " ويلهو ".
(٦) في (ب) " يوم بعث ".
(٧) انظر: تفسير البغوي (٨/ ٢٢٦)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢٨٥).
(٨) في (ب) " وقرئ بضمتين ".
(٩) في (أ) " لقوله ".
(١٠) قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم {إِلَى نُصُبٍ}: بضم النون والصاد، وقرأ الباقون {إِلَى نَصْبٍ} بفتح النون وسكون الصاد. انظر: القراءة وتوجيهها: السَّبعة (ص: ٦٥١)، معاني القراءات (ص: ٥٠٥)، الحُجَّة (٦/ ٣٢٢)، تفسير الثعلبي (١٠/ ٤٢) النكت والعيون (٦/ ٩٧).