{كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩)}: أي يسقطون عليه جماعَات حرصاً على ما (١) سمعوا من القرآن , ورغبة في الإسلام (٢).
مكحول: "إنّ الجنّ بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه اللّيلة وكانوا سبعين ألفاً، وفرغَ من البيعة عند انشقاق القمر " (٣).
سعيد بن جبير: " هذا أيضاً من كلام الجنّ، أي: قالت الجنّ لإخوانهم: رأينا أصحابَ محمد - صلى الله عليه وسلم - يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده وكانوا ينثالون (٤) عليه مجتمعين " (٥).
قتادة: " أراد: كاد الإنس والجنّ يجتمعون على إبطال الحق ويأبى الله إلا أن يُتمَ نورَه" (٦).
و {لِبَدًا}: جمع لبدة، وهي: الرِجل من الجراد , وأصله من الجمع (٧).
{قَالَ}: يعني: محمداً - صلى الله عليه وسلم - (٨).
{إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي}: في صلواتي.
{وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (٢٠)}: من الأوثان , فكونوا أنتم كذلك.
وقرئ: {قُلْ} على الأمر موافقة لما بعده.
{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا}: في دينكم ودنياكم.
{وَلَاتَ رَشَدًا (٢١)}: أرشدكم. وقيل: عذاباً ولا نعيماً.
وقيل: لا موتاً ولا حياةً.
وقيل: لا ضلالاً ولا هدايةً؛ لأني عبد مثلكم , بل ذلك إلى الله تعالى القادر على كل شيء.
{قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ}: لن يمنعني من عذابه مانع إنْ عصيته.
وقيل: لن يمنعني مما قَدّر عليَّ.
وجاء في التفسير: إن جنِّياً (٩) من أشراف الجنّ ذا تبع (١٠) قال: إن محمد - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يجيره أحدٌ فأنا أجيره , فأنزل الله تعالى هذه الآية (١١).
وروى الماوردي: " أنَّ ابن مسعود - رضي الله عنه -: لما تقدّم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الجنّ ازدحموا عليه , فقال سيّدٌ لهم يقال له: وردان (١٢): أنا أزجلهم (١٣) (١٤) عنك , فقال له (١٥): {إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} " (١٦).
وقوله: وَلَنْ {أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٢)}: مذهباً ومدخلاً في الأرض.
وقيل: ولياً ومَوئِلاً.
الحسن: " مستنداً يوم القيامة " (١٧).
والملتحد: الموضع أو الشيء يميل إليه الإنسان , من اللحد والإلحاد , وهو: الميل.
(١) " ما " ساقطة من (ب).
(٢) انظر: جامع البيان (٢٩/ ١١٧)، النُّكت والعيون (٦/ ١٢٠)، الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٢٤).
(٣) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ١٢١)، الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٢٤).
(٤) في (أ) " كادوا ينثاولون ".
(٥) انظر: جامع البيان (٢٩/ ١١٨)، تفسير الثعلبي (١٠/ ٥٥).
(٦) انظر: جامع البيان (٢٩/ ١١٨)، تفسير الثعلبي (١٠/ ٥٥).
(٧) انظر: معاني القرآن؛ للفرَّاء (٣/ ١٩٤)، جامع البيان (٢٩/ ١١٧).
(٨) هذا المعنى على قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر والكسائي، وقرأ قرأ عاصم وحمزة {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} بغير ألف على الأمر. انظر: جامع البيان (٢٩/ ١١٩)، السَّبعة (ص: ٦٥٧)، معاني القراءات ... (ص: ٥٠٩).
(٩) في (ب) " حِنْسَاً ".
(١٠) ذي قوم وخدم يتبعونه، ويبتدرون أمره انظر: لسان العرب (٨/ ٢٧)، مادة " تَبِعَ ".
(١١) انظر: جامع البيان (٢٩/ ١٢٠)، تفسير السَّمعاني (٦/ ٧٢).
(١٢) في (أ) " وردان فقال ".
(١٣) في (أ) " أرجئهم ".
(١٤) الزَّجْل: الرَّمْي بالشيء تأْخذه بيدك فتَرْمِي به، يقال: زَجَلَ الشَّيءَ يَزْجُله، وزَجَلَ به زَجْلاً: رماه ودَفَعه، وزَجَلْت به رَمَيت. انظر: كتاب العين (٦/ ٦٧)، مادة " زَجَلَ "، لسان العرب (١١/ ٣٠١)، مادة " زَجَلَ ".
(١٥) " له " ساقطة من (ب).
(١٦) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ١٢١).
(١٧) لم أقف عليه.