وقيل: {أَوْلَى لَكَ} الموت {فَأَوْلَى} لك العذاب في القبر , {ثُمَّ أَوْلَى لَكَ} هول القيامة {فَأَوْلَى} لك عذابُ النار على الدوام (١).
{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)}: {أَيَحْسَبُ} الكافرُ أن يتركَ مهملاً لا يؤمرُ ولا ينهى ولا يجازى بعمله (٢).
وقيل: أن لا يبعث (٣).
الحسن: " {أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} سرمداً في الدنيا دائماً لا يموت " (٤).
{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (٣٧)} (٥): النطفة.
والمني: ماءُ الرجل , {يُمْنَى}: يصبُ في الرحم.
والمنيّ: مشتقٌ من المنى , وهو القدر (٦) (٧).
{ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً}: أي: صارَ المني قطعة دم جامدٍ بعد أربعين يوماً.
{فَخَلَقَ}: أي فقدَّرَه الله - تعالى -.
{فَسَوَّى (٣٨)}: فسوَّاه إنساناً.
{فَجَعَلَ مِنْهُ}: أي: من هذا الإنسان.
وقيل: منه يعود إلى المني (٨).
{الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣٩)}: أي: خلقَ منه أولاداً ذكوراً وإناثاً.
{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)}: أي: من قدرَ على إيجادِه بهذه الصفة ابتداءً , يقدرُ على إعادتِه , إذ ليس إعادتَه بأصعب من ابتدائه.
وروي مرفوعاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأَ هذه الآية قال: ((سبحانكَ اللهم بلى)) (٩).
(١) انظر: إملاء ما منَّ به الرحمن (٢/ ١٢٥٥)، الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ١١٢)، البحر المحيط (٩/ ٤٥٦).
(٢) وهو قول مجاهد. انظر: جامع البيان (٢٩/ ٢٠٠)، النُّكت والعيون (٦/ ١٥٩).
(٣) وهو قول السُّدي. انظر: تفسير السمعاني (٦/ ١١٩)، تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٨٢).
(٤) لم أقف عليه.
(٥) في النُّسختين: بلفظ {يُمْنَى} بالياء، والمعنى بعدها على القراءتين، فقد قرأ حفص عن عاصم {يُمْنَى} بالياء، وقرأ الباقون من السَّبعة {تُمْنَى} بالتاء، فمن قرأ بالياء {يُمْنَى} ذهب به إلى المني، وهو مذكَّر، ومن قرأ {تُمْنَى} بالتاء ردَّه إلى النُّطفة حملاً على المعنى. انظر: جامع البيان (٢٩/ ٢٠١)، معاني القراءات (ص: ٥١٧)، الحُجَّة (٦/ ٣٤٧).
(٦) في (أ) "القذر " بالذال المعجمة وكأنه يعود على المني لأنه مستقذر. وهو تصحيف انظر: جامع البيان (٢٩/ ٢٠١)، الحُجَّة (٦/ ٣٤٧).
(٧) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ١٦٠)، تفسير القرآن العظيم (٢٩/ ٤٨٢).
(٨) انظر: تفسير السمعاني (٦/ ١١١)، الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ١١٣).
(٩) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (٧٥٠)، عن موسى بن أبي عائشة قال: " كان رجل يصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)} قال: (سبحانك فبلى)، فسألوه عن ذلك فقال: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
قال ابن كثير - رحمه الله - بعد إيراده للحديث: " تفرد به أبو داود، ولم يسم هذا الصحابي، ولا يضر ذلك " تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٨٢)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٨٨٤).