{أَوِ الْحَوَايَا} هي ما يتحوى في البطن، أي: يجتمع ويستدير، ويسمى بَنَاتُ اللَّبَنْ (١).
وقيل: هي المباعر، واحدتها: حاوية، وقيل: واحدتها: حاوياء، كقاصعاء وقواصع، وقيل: حوية، كسفينة وسفائن (٢).
{أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} قيل: هي الإلية لاتصالها بالعصعص.
وقيل: المخ.
وقيل: فيها تقديم (٣)، والتقدير: حرمنا عليهم شحومهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم إلا ما حملت ظهورهما.
و{أَوْ} للتخيير.
{ذَلِكَ} أي: التحريم {جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} وبظلمهم ومخالفتهم أنبياءهم.
الحسن: بكفرهم (٤).
{وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (١٤٦)} فيما أخبرنا به.
{فَإِنْ كَذَّبُوكَ} يا محمد {فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ} لا يعجل بالعقوبة
{وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧)} أي: يمهل ولا يهمل.
{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} في الآية أعظم معجزة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لأنه أخبر عنهم قبل قولهم فكان كما أخبر (٥).
وعطف {آبَاؤُنَا} على الضمير المتصل.
وعُدَّ (لا) حائلاً (٦).
المعنى: رضي منا ومن آبائنا الشرك وأراد منا تحريم ماحرمنا.
وقيل: معناه: لو شاء أن لا يفعل لحال بيننا وبينه.
{كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا ليس بجواب لهم لأنه مشدد، أي: كذّبك قومك فيما أخبرتهم به، كذلك كذّب الأمم السالفة أنبياءهم.
وذهب بعضهم إلى أنه جواب، لأنهم (٧) كَذَبوا في هذا وكَذَّبوا بهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لأنهم قالوا: أراد الله منا أن نشرك ورضي به.
وقيل: قالوا هذا القول تعنتاً واستهزاء، ولو قالوها (٨) تيقُّناً واعتقاداً كان إيماناً.
وقوله (٩): {حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} أي: عذابنا.
(١) بنات اللبن: مِعَىً في البطن معروفة. قال ابن سيده: وبنات لبنٍ: الأمعاء التي يكون فيها اللبن.
انظر: «لسان العرب» (لبن).
(٢) انتقل الكلام في نسخة (ب) من هنا إلى قول المصنف: (وقيل فيها تقديم) فحصل فيها سقط وكان النص فيها كالتالي: ( ... وسفائن وقيل فيها تقديم ... ).
(٣) في (جـ): (تقديم وتأخير).
(٤) نقله أبو حيان في «البحر المحيط» ٤/ ٢٤٧ عن الحسن أيضاً.
(٥) في (ب) زيادة: (فكان كما أخبر عنهم قبل قولهم وعطف ... ).
(٦) قال ابن عادل في «اللباب» ٨/ ٤٩٩: (فعطف قوله: {وَلَا آبَاؤُنَا} على فاعل الضمير في قوله: {مَا أَشْرَكْنَا} ولم يأت هنا بتأكيدٍ بضمير رفع منفصل، ولا فاصل بين المتعاطفين اكتفاءً بوجود (لا) الزائدة للتأكيد فاصلة بين حرف الطعف والمعطوف، وهذا على قواعد البصريين، وأما الكوفيون فلا يشترطون شيئاً من ذلك).
(٧) في (جـ): (أنهم).
(٨) في (أ): (ولو قالوا).
(٩) سقطت كلمة (وقوله) من (ب).