{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦)}: لإتيان ما يشغله عنهم.
وقيل: يهرب منهم مخافة أن يتوجه عليه لأحدهم حقٌّ عليه فيطالبه ولا يحابيه.
وقيل: يهرب منهم كي لا يرى ما ينزل بهم.
وقيل: ليس ثمَّ فرار , وإنما المعنى لا يهمه أمر أقربائه لشدة ما ينوبه (١).
ويحتمل أن في هذا الترتيب فائدة وهي: أن هذا مثل ضُرب في حق الأقرب فالأقرب رؤية واتصالاً ومعرفة , والمراد بالأخ: التوأم فإنه يري الجنين في بطن أمه قبل كل أحد , ثم يرى أمه بعد الولادة , ثم أباه , ثم صاحبته , ثم بنيه (٢). والله أعلم.
{لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)}: يكفيه عن زيادة عليه (٣).
وقرئ {يَعْنَيْه} (٤) أي: لا يعنى معه بغيره.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨)}: وجوه المؤمنين مضيئة حسنة بما لها (٥) من الفوز.
{ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩)}: لما يرى من النعيم.
وقيل: ضاحكة من الكفار شماتة وغيظاً (٦).
{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠)}: ذُكِرَ أنَّ التراب الذي يصير (٧) إليه البهائم يحول غبرة في وجوه الكفرة (٨).
(١) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٢٠٩)، الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٢١٤).
(٢) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٣١٠).
(٣) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٦١).
(٤) وهي قراءة ابن مُحَيْصِن. انظر معاني القرآن؛ للفرَّاء (٣/ ٢٣٨)، المُحتَسب (٢/ ٤١٧) - وفيه يقول ابن جنِّي: " وهذه قراءة حسنة أيضاً، إلا أنَّ التي عليها الجماعة أقوى معنى، وذلك أنَّ الإنسان قد يَعنيه الشيء ولا يُغْنيه عن غيره ".
(٥) في (ب) " مما لها ".
(٦) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٢٠٩).
(٧) " يصير " ساقطة من (ب).
(٨) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٦٣)، إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٥/ ٩٧).