وروي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوماً لأصحابه: (بادروا بالعمل الصالح قبل أن يغلق باب التوبة بطلوع الشمس من مغربها) قالوا يا رسول الله: كيف يكون ذلك؟ قال: (إنَّ الشمس إذا غربت صارت إلى تحت العرش فخرَّت ساجدة إلى أن يقال لها ارتفعي فاطلعي (١) من مطلعك، فإذا أراد الله قيام الساعة لا يقال لها كما كان يقال (٢)، فيطول الليل على الناس فيقع الفزع، ثم يقال لها اطلعي وارتفعي (٣) من مغربك، فتطلع من المغرب مع القمر مقرونَيْن (٤)، كبعيرين مقرونين، فبعد ذلك لا ينفع نفساً إيمانها ولا عملها بالصالحات) (١).
قوله: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} قيل: إخلاصاً، وقيل: طاعة، وقيل: توبة.
وقوله: {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} دليل لمن قال إن الإيمان لا يشترط في صحته إلى العمل (٥).
وقوله: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} دليل على أن العمل مع الإيمان مشروط.
و{أَوْ} يدل على صحة القولين (٦).
{قُلِ انْتَظِرُوا} إحدى هذه الآيات الثَّلاث (٧) {إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨)} ثوابه وكرامته.
وقيل: إنا (٨) منتظرون بكم إحداها.
وقيل: إنا منتظرون هلاككم وموتكم فانتظروا هلاكي وموتي.
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} أي: آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
و(فارقوا) معناه: باينوا وخرجوا عنه (٩).
{وَكَانُوا شِيَعًا} فرقاً يدين بعضهم بخلاف ما يدين به البعض، فتهوَّد قوم وتنصَّر قوم (١٠)، وكان دين الله دين إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-.
وقيل: هم أهل البدع من هذه الأمة (١١).
(١) في (أ): (واطلعي).
(٢) هكذا في (أ)، وفي (ب): (لا يقال لها كما كان يقال لها)، وفي (جـ): (لا يقال كما كان يقال لها).
(٣) هكذا في (أ) وفي (ب) و (جـ): (ارتفعي واطلعي).
(٤) في (ب): (مقرنين).
(٥) لم أجده بهذا السياق، ولكن أجزاء الحديث لها شواهد كثيرة. انظر: البخاري ٤٦٣٥، ومسلم ١٥٩، وتفسير الطبري ١٠/ ١٧ و ١٠/ ٢٤.
(٦) سقطت كلمة (العمل) من (ب) , وفي (جـ): ( ... في صحته العمل).
(٧) النص في (ب): (دليل على أن الإيمان مشروط يدل على صحة القولين) ففيها سقط. والتفسير الصحيح للآية هو ما ذكره أبو المظفر السمعاني في «تفسير القرآن» ٢/ ١٦٠ حيث يقول: (أي: لا يقبل توبة كافر بالإيمان، ولا توبة فاسق بالرجوع عن الفسق).
وبنحو هذا المعنى قال ابن كثير ٦/ ٢٣٧: (أي: إذا أنشأ الكافر إيماناً يومئذ لا يقبل منه، فأما من كان مؤمناً قبل ذلك، فإن كان مصلحاً في عمله فهو بخير عظيم، وإن كان مخلطاً فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته، كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة، وعليه يحمل قوله تعالى: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} أي: ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملاً به قبل ذلك).
وهو كذلك معنى ما ذكره الطبري ١٠/ ٢٨ - ٢٩ ولولا طول كلامه لنقلته.
وبذلك يظهر أنه لا دلالة في الآية للقولين الذين ذكرهما الكرماني.
وقد ردَّ ابن عاشور على من استدل بالآية على ذلك في كتابه «التحرير والتنوير» ٨/ ١/١٨٨.
(٨) في (ب): (أي إحدى آيات ثلاث).
(٩) سقطت (إنا) من (ب).
(١٠) قرأ حمزة والكسائي (فارقوا) بالألف، وقرأ باقي العشرة (فرّقوا) بتشديد الراء. انظر: «المبسوط» لابن مهران (ص ١٧٧).
وحصل سقط في (ب) حيث ورد فيها: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً فرقاً يدين ... ).
(١١) في (ب): (فتهود بعض وتنصر بعض).
(١٢) سقطت كلمة (الأمة) من (ب) ثم انتقل الناسخ إلى قول المؤلف (وقيل أصله من شيعته ... ) فحصل فيها سقط أيضاً.