والثاني: الأوامر والنواهي التي هي مِن (١) تكاليف الشرع.
والثالث: قصص الأنبياء والمواعظ.
وسورة الإخلاص متجردةً للتوحيد، فقد تضمنت ثلث القرآن على طريق الإجمال، فلذلك من قرأها أُعطيَ من الأجر مثل مَن قرأ ثلث القرآن (٢).
وسبب نزوله في قول قتادة ومقاتل والضحاك: أنَّ نَاساً من اليهود جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فقالوا: صف لنا ربك، فإن الله أنزل نَعْتَهُ في التوراة، فأخبرنا من أي شيء هو؟ ومن أي جنس؟ أَمِنْ ذَهَبٍ هو أم مِن نُحَاسٍ أم فِضَّةٍ؟ وما يأكل وما يشرب؟ وممن ورث الدنيا ومن يورثها (٣)؟ فأنزل الله - تعالى - هذه السورة (٤).
وقيل: سأله ابن سَلام امتحاناً، فلما أجابه بذلك عرف صدقه، وآمن به.
وعن أبي كعب وجابر - رضي الله عنهما -: " أنَّ المشركين قالوا: يا محمد: (٥) أنسب لنا ربك، فأنزل الله هذه السورة " (٦).
وقيل: نزلت في سؤال: عامر بن الطُّفيل (٧) وأَرْبَدُ بن قيس (٨) (٩)، وقد مضى القول فيه في سورة الرعد (١٠).
(١) " مِنْ " ساقطة من (ب).
(٢) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٤٠٧)، الجامع لأحكام القرآن (٢٠/ ٢٤٤).
(٣) في (أ) " ومن موروثها ".
(٤) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٣٤٣)، أسباب النزول؛ للواحدي (٣٨٠) النُّكت والعيون (٦/ ٣٦٩)، زاد المسير (٨/ ٣٤١).
(٥) في (ب) " قالوا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
(٦) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٣٤٢)، أسباب النزول؛ للواحدي (٣٨٠)، النُّكت والعيون (٦/ ٣٦٩).
(٧) عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر العامري، من بني عامر بن صعصعة: وكان فارس قيسٍ، وأحد فُتَّاك العرب وشعرائهم وساداتهم في الجاهلية، وكان أعور عقيماً لا يولد له، ولم يعقب، كنيته أبو علي، وهو ابن عم لبيد الشاعر، ولد ونشأ بنجد، وخاض المعارك الكثيرة، وأدرك الإسلام شيخاً، فوفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المدينة، بعد فتح مكة، يريد الغدر به، فلم يجرؤ عليه فدعاه إلى الإسلام، فاشترط أن يجعل له نصف ثمار المدينة، وأن يجعله ولي الامر من بعده، فرده، فعاد حنقاً، وسمعه أحدهم يقول: لأملانها خيلاً جرداً ورجالاً مرداً ولأربطن بكل نخلة فرساً!؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم اكفني عامراً واهد بني عامر "، فطعن في طريقه قبل أن يبلغ قومه فمات وهو يقول: غدةٌ كغدة البعير، وموتٌ في بيت سلوليةٍ!!. انظُرْ تَرْجَمَتَهُ: الشِّعر والشُّعراء (ص: ١٩٤)، الأعلام (٣/ ٢٥٢)، معجم الشعراء الجاهليين والمخضرمين (ص: ١٨٨).
(٨) أَرْبَدُ بن قيس بن جُذيمة بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، أخو لبيد الشاعر؛ لأمِّه، وهو الذي أراد قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عامر بن الطفيل، فلما هلك عامر بن الطفيل عند رجوعهم لديارهم وواروه، قدموا أرض بني عامر فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟ قال: لا شيء، والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بنبلي هذه حتى أقتله، فخرج بعد مقالته هذه بيوم أو يومين معه جمل له يبيعه فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما. انظُرْ تَرْجَمَتَهُ: تاريخ الطبري (٢/ ٣٩٩)، الأعلام (٢/ ٢٩٥)، معجم الشعراء الجاهليين والمخضرمين (ص: ١٦).
(٩) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٣٦٩)، زاد المسير (٨/ ٣٤١).
(١٠) عند قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (١١)} الرعد: ١٠ - ١١.