أحدها: أنه إيهام الأذى، وتخييل المرض.
والثاني: إنه يؤثر كتأثير العين في المعيون.
والثالث: أنه بمعونة الجن (١).
وفيه سحر للنبي - صلى الله عليه وسلم - قولان: قال بعضهم: سحرَهُ لبيد بما سحر، وقد سبق , وعليه الجمهور، وأنكر بعضهم وقالوا: إن الله تعالى أنكرَ على من قال هذا في صفةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ,حيث يقول: {يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} الإسراء: ٤٧ الآيات (٢).
وقيل: أراد بـ {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} النساء اللواتي يسلبن قلوب الرجال بحبهن.
قال أبو تمام:
السَّالبات الفتى عزيمته ... بالسحر والنافثات في عقد (٣) (٤)
وقيل: هنَّ السواحر التي تنفث في العقد كأنها تنفخ فيها بشيء تقرأه (٥).
{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)}: يعني لبيداً.
وقيل: اليهود كُلّهم، وقيل: حَاسِدٍ {إِذَا حَسَدَ} المؤمنون (٦).
الحسد: تمني زوالُ النعمةِ من صاحبها، وشرُّ الحاسد: عَينه، وقيل: شره إيقاعُ الشرَّ بالمحسودِ بتتبع عثراته وابتغاءِ مساوئه.
(١) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٣٧٦).
(٢) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٣٧٦)، غرائب التفسير (٢/ ١٤١٢).
(٣) في (أ) " في العقد ".، وانظر البيت: غرائب التفسير (٢/ ١٤١٢).
(٤) وهو قول غريب بعيد: انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٤١٢)، البحر المحيط (١٠/ ٥٧٦).
(٥) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٣٥١)، غرائب التفسير (٢/ ١٤١٢).
(٦) والظاهر - والله أعلم - أنَّ الاستعاذة عامَّة في كلِّ ذي شرٍ، قال ابن جرير - رحمه الله - بعد أن ذكر القولين الأوليين: " وأولى القولين بالصواب في ذلك قول من قال: أمر النبي أن يستعيذ من شر كل حاسد إذا حسد فعابه أو سحره أو بغاه سوءاً، وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب؛ لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - لم يخصص من قوله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} حاسداً دون حاسدٍ، بل عمَّ أمره إيَّاه بالاستعاذة من شرِّ كلِّ حاسدٍ، فذلك على عمومه " جامع البيان (٣٠/ ٣٥٤).