وتَعْزِفَ علينا القِيَانُ وتسمع بذلك العرب فلا يزالون يهابوننا أبداً (١).
وكان بدر موسماً من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام، فنهى الله المؤمنين أن يكونوا مثلهم.
{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} ثم إن بعض قريش قالوا: بيننا وبين كنانة إِحْنَة (٢) فلا نأمن أن يتعرضوا لنا وقد أغنانا الله عن هذا الخطر، فأتى إبليس قريشاً في صورة سُرَاقة بن مالك بن جُعْشُم (٣) في جماعة {وَقَالَ} لهم {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ} أي: لا أحد يغلبكم.
قوله: من الناس، أي: من كثرتكم , وقيل: من جنس الناس.
{وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} مجير لكم عن بني كنانة وضامن أن لا يتعرضوا لكم.
{فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ} أي: اجتمعوا واصطفوا.
{نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} رجع القَهْقَرى، وهي الرجوع إلى وراء.
وقيل: رجع بخزي , وقيل: رجع من حيث جاء.
{وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ} أفارقكم ولا أدنو منكم.
وذكر في القصص (٤) والمغازي: أن أبا جهل أو غيره قال: يا سراق: أفراراً من غير قتال (٥).
(١) أخرجه الطبري ١١/ ٢١٧ - ٢١٨.
(٢) أي: حقد. انظر: «لسان العرب» (إحن).
(٣) الكناني ثم المُدْلجِي، أبو سفيان، صحابي مشهور، من مسلمة الفتح، مات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل بعدها.
انظر: «تقريب التهذيب» (ص ٢٢٩).
(٤) في (ب): (وذكر في بعض القصص ... ).
(٥) انظر: «زاد المسير» لابن الجوزي ٣/ ٣٦٧ و «زاد المعاد» لابن القيم ٣/ ١٨١.