بكر ولم يهو ما قلت (١)، فَأَخَذَ منهم الفداء، فلما كان من الغد قال عمر: غدوت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو قاعد وأبو بكر الصديق وإذا هما يبكيان، فقلت: يا رسول الله: أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أبكي للذي عَرَضَ علىَّ أصحابُك من الفداء لقد عُرِضَ عليَّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة)، لشجرة قريبة (٢)، وأنزل الله {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (٣).
والمعنى: لم يكن لنبي أن يشتغل بالأسر والفداء لأن ذلك يذهب بالمهابة حتى يكثر القتل.
ابن عباس: حتى يغلب عليها ليقع له في القلوب مهابة ورعب (٤).
والإثخان: الإكثار من القتل، مشتق من الثخانة، وهي: الصلابة والكثافة , وقيل: الشدة والقوة.
{تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} المال، فسماه عرضاً لأنه سريع الانقضاء قليل اللباث (٥).
{وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} أي: يريد لكم ثواب الآخرة من الجنة والنعيم.
{وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧)} أمر بإثخان الكفار.
{لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} في هذا الكتاب ستة أقوال (٦):
(١) في (ب): (ما قال عمر).
(٢) سقطت (لشجرة قريبة) من (ب).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه (١٧٦٣ - ٥٨) وأحمد في «المسند» ١/ ٣٠ والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٠٢ - ٤٠٣) وغيرهم.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٧٣٢ مختصراً بلفظ: حتى يظهر على الأرض.
(٥) في (ب): (قليل الثبات).
(٦) ذكر الماوردي فيها أربعة أقوال ٢/ ٣٣٢ وذكر ابن الجوزي ٣/ ٣٨١ خمسة أقوال.