ناب مناب قد لدلالته على الاستقبال.
وقوله: {انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} اخرجوا إلى الجهاد, وأصل النَّفْرِ: مفارقة الوطن لأمر هاج على ذلك، تقول: نَفَرَ إليه، وعلى الضد: نَفَر عنه.
{اثَّاقَلْتُمْ} تثاقلتم وتباطأتم وملتم {إِلَى الْأَرْضِ} إلى الإقامة بالمدينة, وقيل: {إِلَى الْأَرْضِ} حين أخرجت الثمر والزرع, وقيل: اطمأننتم إلى الدنيا.
{أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وغرورها.
{مِنَ الْآخِرَةِ} بدل الجنة ونعيمها.
{فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يريد اللذات فيها والتمتع بها.
{فِي الْآخِرَةِ} في جنب الدار الآخرة.
{إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨)} تافه سريع الانقضاء.
{إِلَّا تَنْفِرُوا} أي: إن لا تنفروا إلى الحرب.
{يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} بإمساك المطر والجدوبة والقحط, وقيل: بظفر الأعداء.
{وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} ويجعل مكانكم وبدلاً منكم آخرين مطيعين.
{وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا} أي: الرسول، وقيل: يعود إلى الله سبحانه, وقيل: إلى قوله {قَوْمًا غَيْرَكُمْ}.
{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} من التبديل والتغيير {قَدِيرٌ (٣٩)}.
ابن عباس رضي الله عنهما: هذه الآية منسوخة بقوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} التوبة: ١٢٢ (١).
(١) أخرجه أبو داود (٢٥٠٥) وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٩٨ والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» ٢/ ٤٣٦ ثم قال النحاس: (وكذا قال الحسن وعكرمة) يعني أنها منسوخة. ثم قال النحاس: (وقال غيرهم: الآيتان محكمتان، لأن قوله تعالى (إلاّ تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً) معناه: إذا احتيج إليكم، وإذا استنفرتم، فهذا مما لا ينسخ، لأنه خبر ووعيد، وقوله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) محكم، لأنه لابد من أن يبقى بعض المؤمنين لئلا تخلو دار الإسلام من المؤمنين فتلحقهم مكيدة، وهذا قول جماعة من الصحابة والتابعين).