{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧)}.
{لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ} إفساد أمرك وغلبة الكافرين عليك {مِنْ قَبْلُ} يوم أحد.
{وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ} احتالوا في إيصال المكاره إليك بكل حيلة, وقيل: أفسدوا أموراً لك بالتضريب (١) والوشاية.
والتقليب: أن يجعل أسفله أعلاه وباطنه ظاهره.
وقيل: قلبوا لك: غالوا الغوائل, وقيل: هو طلب المكيدة، من قولهم: هو حُوَّلٌ قُلَّبٌ (٢) , وقيل: هو النفاق، فإن المنافق (٣) ظاهره خلاف باطنه.
{حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ} أي: غلب الإسلام الشرك.
{وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ} علا دين الله وهو الإسلام, وقيل: علن.
{وَهُمْ كَارِهُونَ (٤٨)} أي: على رغم منهم وذلك أن عبد الله بن أبي تأخر يوم أحد وقال (٤): لو نعلم قتالاً لاتبعناكم (٥)، أي: إن (٦) تخلفوا عنك في هذه النوبة فلهم سابقة في التخلف.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي} أجمع المفسرون على أنها نزلت في جد بن قيس المنافق، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين تأهب لغزوة تبوك قال له: (يا جد هل لك في جِلَادِ بني الأصفر تتخذ منها سراري ووصفاء) فقال: يا رسول الله: لقد عرف قومي أني رجل مغرم بالنساء وإني أخشى إن رأيت بنات الأصفر أن لا أصبر عنهن فلا تفتني
(١) جاء في «لسان العرب» (ضرب): (التضريب بين القوم: الإغراء).
(٢) في «لسان العرب» (حول): (ورجل حُوَّل، بتشديد الواو، أي: بصير بتحويل الأمور، وهو حُوَّلٌ قُلَّب).
(٣) في (أ): (فإن النفاق).
(٤) في (ب): (وقالوا).
(٥) انظر: الطبري ١١/ ٤٨٨ و «البحر المحيط» لأبي حيان ٥/ ٥١ - ٥٢.
(٦) سقطت كلمة (أي) من (ب).