وفي غير هذه الرواية: فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مالك ابن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن والوحشي قاتل حمزة، وقال لهم: (انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله (١) فاهدموه وأحرقوه)، فخرجوا وانطلق مالك فأخذ سعفة من النخل فأشعل فيها ناراً ثم دخلوا (٢) المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه فتفرق عنه أهله، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتخذ ذلك كناسة يلقى فيها الجيف والنتن والقمامة، ومات أبو عامر بالشام وحيداً غريباً (٣).
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا} قرئ بالواو (٤) وبحذفه (٥)، فمن قرأ بالواو جعله عطف جملة على جملة، ومحله رفع بالابتداء وخبره يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون تقديره: ومنهم الذين اتخذوا، والثاني: أن يكون تقديره: جازيناهم على فعلهم, ومن قرأ بغير واو جاز أن يكون مبتدأ، وخبره: جازيناهم, وجاز أن يكون خبره: ومنهم، فأضمر الخبر وأضمر الواو، وجاز أن يكون بدلاً من الأول (٦) بدل البعض من الكل.
{مَسْجِدًا ضِرَارًا} أي: للشر والبلاء والإضرار بالمسلمين, وقيل: ضراراً لمسجد رسول الله.
والضرار: مصدر: ضَرَّهُ ضِراراً، وهو محاولة الضَّر.
{وَكُفْرًا} للكفر الذي يضمرونه.
{وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} ليفرقوا جمعهم.
{وَإِرْصَادًا} ترقباً وانتظاراً.
وأصله من: الرَّصَدِ، وهو: الطريق، تقول: رَصَدَه: إذا وقف في طريقه يترقبه، وأَرْصَدَهُ كذا: أَعَدَّ لَهُ مُنْتَظِرَاً له به.
{لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ} أبو عامر الراهب، كان يوم الأحزاب يجمع
(١) في (د): (أهلها).
(٢) في (أ): (دخل).
(٣) هذه الألفاظ وردت عند الثعلبي في «الكشف والبيان» (ص ٤١٠ - رسالة جامعية).
(٤) في (د): (قرئ بالوجهين بالواو ... ).
(٥) قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر بغير واو، وقرأ باقي العشرة بالواو.
انظر: «المبسوط» لابن مهران (ص ١٩٦).
(٦) في (ب): (من الواو بدل ... ).
والأول هو قوله تعالى (وآخرون مرجون)، وقد ردّ هذا القول أبو علي الفارسي في «الحجة» ٤/ ٢٤٠.